ضمنت لهذا العهد ذكرا مخلدا – جبران خليل جبران
ضمنت لهذا العهد ذكرا مخلدا … وجددت للإسلام معجز أحمدا
وبت لمصر بالمفاخر محتدا … ومن قبل كانت للمفاخر معتدا
أطاف بها ليل من الجهل حالك … وصمت بها الأسماع عن دعوة الهدى
فإن قلب المحزون في الأفق طرفه … فليس يرى إلا ذكاءك فرقدا
ومن تدعه يردد نداءك لا يجب … كما رجع الصخر الأصم لك الصدى
لك الله من شاك عن الناس دهرهم … على حين لم يشكوا وقد جار واعتدى
ومن ساهر يفني منار حياته … ضياء ليهدي غافلين ورقدا
ومن نظام للملك تاج فرائد … من المدح تيجان الملوك له فدى
ومن منشد يحيي فخار جدوده … فيكسبهم مجدا بذاك مجددا
إذا النسل لم يحفل بذكر جدوده … فإن لهم موتا به متعددا
قواف يزين الشعر حسن نظامها … كما ازدان كأس بالحباب منضدا
… وسبك يعيد اللفظ لحنا موقعا ويبدي لنا المعنى الخفي مجسدا
أسحرا ترينا أم صحائف كلما … نقلبها وجها نرى عجبا بدا
فبينا هي الروض الذي تشتهي المنى … تعاشق فيه النور والطيب والندى
إذا هي أنهار تقر عيوننا … إذا هي نيران تثور توقدا
إذا هي أفلاك بسطن وأبحر … أغار بها الفك الصغير وأنجدا
إذا هي آجام تموج بأسدها … وأودية يرعى بها الظبي أبدا
إذا هي عيس في البوادي مجدة … تسير ولا سير وتحدي ولا حدا
إذا هي أجيال الزمان معاهدا … بها آدم موسى وعيسى محمدا
إذا هي حرب يخلع البيد جيشها … نعالا متى هبوا وثوبا على العدى
بيانك سيف للحقيقة ساطع … ذليل به الباغي قتيل به الردى
بشعرك فليحيى الذي جل فضله … ومات جديرا بالفخار مؤبدا
وذو العلم فليختر كتابك مؤنسا … كريما وأستاذا حكيما ومرشدا