صبرتَ ومثلُك لا يجزعُ – الشريف المرتضى

صبرتَ ومثلُك لا يجزعُ … وناءَ بها صدرك الأوسعُ

وعزَّيتَ نفسَك لمّا علمْـ … ـتَ أنَّ العزاءَ لها أنفعُ

وداويتَ داءَك لمّا رأيتَ … دواءَ طبيبك لا ينجعُ

ولمّا بخست بضيمِ الزمانِ … قنعتَ وإن كنت لاتقنعُ

وقلت لعينيك لاتدمعي … فلا العين تهمى ولاتدمعُ

ولم تشكُ ما دفنتْهُ الضُّلوعُ … وفي حشوِها المؤلمُ المُوجعُ

فإنْ تكُ شنعاءَ جاء الزَّمانُ … بها فالتشكي لها أشنعُ

وما إنْ يفيدُ سِوى الشّامتيـ … ـنَ أنْ يشكوَ الرَّجُلُ الموجَعُ

ولمّا نهضتَ بدفعِ الخطوبِ … رضيتَ بما لم يكنْ يُدفَعُ

وقدماً عهدناك ثبت المقام … وإن هبت العاصف الزغزعُ

ولِمْ لا وأنتَ امرؤٌ في الصِّعابِ … إلى رأيه أبداً نرجعُ

وقد علمت سورة الحادثاتِ … إن صفاتك لاتصدعُ

وأنَّ جَميمَكَ لا يُخْتَلى … وأنَّ قِلالَكَ لا تُفرَعُ

وإنْ فَنِيَتْ في الرِّجالِ الحلو … مُ كان إلى حلمك المَفْزَعُ

هوَ الدَّهرُ ينقضُ ما يَبْتنيهِ … جهاراً ويحصدُ ما يَزرعُ

وأخطأَ مَن قال: إنَّ النِّسا … وإن يعطنا فبما يمنعُ

ونحن بنو الأرض تغتالنا … وتأكلنا ثمَّ لا تشبَعُ

فدارٌ تغصُّ بسكانها … ءَ أهلون للفَقْد أو مَوضعُ

وآتٍ يجيىء ولم ندعُهُ … وماض يمر ولا يرجعُ

وإنى منك مهما يصبكَ … يصبني وفي مروتي يقرعُ

وكيف يميز ما بيننا … ويجمعُنا الحسَبُ الأجمعُ؟

ويرفَعُنا فوقَ هامِ الرِّجالِ … عَرينٌ لنا دونَهُمْ مُسبِعُ

وإِنّا التَفَفْنا بسِنْخِ الرَّسولِ … فتطلُعُ منه كما أطلُعُ

فكم ذا لنا خاطبٌ مصقعٌ … وكم ذا لنا عالمٌ مقنعُ

ولمّا كرَعتُك دونَ الأنامِ … رويتُ وطاب لي المكرعُ

وفقدُ النِّساءِ كفقدِ الرِّجال … يحزُّ إذا حزَّ أو يقطعُ

فلا زالَ ما بَيْننا كالرِّيا … جادت له سحبٌ همعُ

ولا ساءَني فيك مَرَّ الزّمان … مرأى ولا رابني مسمعُ