شمس على حافة الحرب – عدنان الصائغ

فصل سادس

على حافةِ “مجنون” أو على حافةِ الحربِ، كانتْ سُرفاتُ أيّامنا تمضي ثقيلةً، مثيرةً وراءها غبارَ الذكرياتِ والأصدقاءِ والمواضعِ.. تزحفُ خلفها أحلامنا أيضاً متوجّسةً .. فوق دَغَلِ الألغامِ والزهورِ البرِّيةِ المنتشرةِ على طولِ جسدِ الجبهةِ المتغضّنِ الذي ل

شمسٌ.. شمسٌ..، تمضي معك أينما تتجهُ، وعندما تتعبُ من الركضِ أمام نافذةِ السَيَّارةِ.. تُودِّعكَ تاركةً إيّاكَ لليلِ القنابلِ الطويل

(في الطريق إلى..)

قرصُ الشمس يَخرُجُ من تنّورِ الأفقِ المحمرِ كرغيفٍ ساخنٍ مثقُوبٍ بالشظايا.. وأنتَ جائعٌ منذ ليلةٍ أو أكثر، لا يهمُّ.. فالتنقلاتُ السريعةُ لمْ تتركْ لكَ فرصة لتناول أيِّ شيءٍ أو كتابة أيِّ شيءٍ.. عدا قَدَح الشايِ البارد من حانوتِ “السَرِية”.. الذي كان آخر

(مجنون قَبل الفجر بـ…)

ظلامٌ كثيفٌ.. وبقايا جثثٍ ومُعلّباتٍ طافيةٍ..

الإتصالاتُ مقطوعةٌ

يا للعزلةِ الخرافيَّةِ، ثَمَّةَ أصدقاءٌ رحلوا بين أعواد القصبِ الطويلة.. وتركوا لك مهمّةَ البقاء المريرة مع ذكرياتهم

(رسالة.. إلى شَعرها الطويل)

أَعْرِفُ أنَّكِ زعلانة.. لأنَّنِي لمْ أتصلْ بكِ منذ أسبوعين

ما الذي أفعلهُ؟.. يا أوسعَ قلبٍ في الدُنيا

وأنا محتشـ د… (قَطْع…)…

قصفٌ شديدٌ،

قصفٌ،

قطعت الرسالة، تركتها مبتورةَ الأحلامِ على يَطَغِي المبعثرِ.. القصفُ شديدٌ جداً، لا مجال لغلقِ المظروف.. أو اكمال الرسالة.. قلتُ لنفسي سأبعثها هكذا.. وهي تفهمُ فوضانا…. نحن الذين علَّمتنا الحربُ أنْ نترُكَ أشياءَنا كما هي.. ونمضي..