شكوى وعتاب – ابن زيدون

مَا عَلى ظَنّيَ بَاسُ، … يَجْرَحُ الدّهْرُ وَيَاسُو

رُبّما أشْرَفَ بِالمَرْ … ء، عَلَى الآمَالِ، يَاسُ

وَلَقَدْ يُنْجِيكَ إغْفَا … لٌ وَيُرْديكَ احْتِرَاسُ

والمحاذيرُ سهامٌ؛ … والمقاديرُ قياسُ

ولكمْ أجدَى قعودٌ؛ … ولكمْ أكدى التماسُ

وَكذَا الدّهْرُ إذَا مَا … عزّ ناسٌ، ذَلّ ناسُ

وبنُو الأيّامِ أخْيَا … فٌ: سَرَاة ٌ وَخِسَاسُ

نَلْبَسُ الدّنْيَا، وَلَكِنْ … متعة ٌ ذاكَ اللّباسُ

يا أبا حَفْصٍ، وَمَا ساوَاك، … في فهمٍ، إيَاسُ

مِنْ سَنَا رَأْيِكَ لي، في … غَسَقِ الحَطَبِ، اقتباسُ

وَوِدادي لَكَ نَصٌّ، … لمْ يخالِفْهُ قياسُ

أنَا حَيْرَانُ، وَلِلأمْرِ … وُضُوحٌ وَالتِبَاسُ

مَا تَرَى في مَعْشَرٍ حالوا … عنِ العهدِ، وخاسُوا

وَرَأوْني سَامِرِيّاً … يُتّقَى مِنْهُ المَسَاسُ

أذْؤبٌ هامَتْ بلَحْمي، … فانْتِهَاشٌ وَانْتِهَاسُ

كلّهمْ يسألُ عن حالي … وَلِلذّئْبِ اعْتِسَاسُ

إنْ قسَا الدّهرُ فلِلْمَاء … منَ الصّخْرِ انبجاسُ

وَلَئنْ أمْسَيْتُ مَحبُوساً، … فَلِلْغَيْثِ احْتِبَاسُ

يلبُدُ الورْدُ السَّبَنْتَى ، … وَلَهُ بَعْدُ افْتِرَاسُ

فتأمّلْ كيفَ يغشَى … مقلة َ المجدِ النّعاسُ؟

ويفتّ المسكُ في التُّربِ، … فَيُوطَا وَيُدَاسُ؟

لا يكنْ عهْدُكَ ورداً … إنّ عهدِي لكَ آسُ

وأدرْ ذكرِيَ كأساً، … ما امتطَتْ كفَّك كاسُ

وَاغْتَنِمْ صَفْوَ اللّيَالي؛ … إنّمَا العَيْشُ اخْتِلاسُ

وَعَسَى أنْ يَسمحَ الدّهرُ، … فقدْ طالَ الشِّماسُ