شبابي ، كيفَ صرتَ إلى نفادِ – ابن عبد ربه

شبابي ، كيفَ صرتَ إلى نفادِ … وبُدِّلتَ البيَاضَ منَ السَّوادِ ؟

وما أبقى الحوادثُ منكَ إلاّ … كما أَبْقَتْ مِنَ القَمرِ الدَّآدي

فراقُكَ عرَّفَ الأحزانَ قلبي … وفرَّقَ بينَ جفْني والرُّقادِ

فَيا لنَعيمِ عَيْشٍ قَدْ تَوَلَّى … ويا لِغليلِ حُزْنٍ مُسْتفادِ

كأنِّي منكَ لم أربَعْ برَبْع … وَلم أَرْتَدْ بِهِ أَحْلى مُرادِ

سقى ذاكَ الرُّبى وبْلُ الثُّريَّا … وغادَى نبتَهُ صَوْبُ الغَوادِي

زمانٌ كانَ فيهِ الرُّشْدُ غيّاً … وكانَ الغَيُّ فِيهِ مِنَ الرَّشادِ

فكمْ لي منْ غليلٍ فيكَ خافٍ … وكم لي مِنْ عَويلٍ فِيكَ بادِي

يُقبلُني بدلٍّ منْ قبولٍ … وَيُسْعِدُنِي بِوَصْلٍ مِنْ سُعادِ

وَأَجْنُبُهُ فَيُعْطيني قِياداً … ويَجْنُبُني فأُعْطيهِ قِيادي