سُرَيْنا لنمحو الإثم أو نغنم الأجرا – عبدالغفار الأخرس

سُرَيْنا لنمحو الإثم أو نغنم الأجرا … لزورة من تمحو زيارته الوِزْرا

وسارت وقد أرخى علينا الدجى سترا … بنا من بنات الماء للكوفة الغرا

تخيّرتها السفائن مركبا … وأعْددْتُها للسير شرقاً ومغربا

فكانت كمثل الطير إنْ رمت مطلبا … تمد جناحاً من قوادمه الصبا

وكانت تحلّى قبل هذا تجمّلا … وقد غذيت فيما أمرّ وما حلا

أظن على فقد الشهيد بكربلا … كساها الأسى ثوب الحداد ومن حلى

إلى موقف سرنا بغير توقف … يزيد بكائي عنده وتلهُّفي

ولما تجارينا بفلك ومدنف … جرت وجرى كلُّ إلى خير موقف

ترامت بنا فلك فيا نعم مرتمى … إلى دُرّة الفخر التي لن تقوّما

فخضنا إليه والبحر قد طمى … وكم غمرة خضنا إليه وإنما

إلى مرقد يعلو السماكين منزلا … وقد نال ما نال الصراح من اعلى

نسير ولا نلوي عن السير معدلا … نؤم ضريحاً ما الضراح وإنْ علا

فزوج ابنة المختار كان غضنفرا … علا وارتضته الطهر من سائر الورى

أتعرف من هذا الذي طال مفخرا … هو المرتضى سيف القضا أسدُ الشرى

عيون الورى إنْ لاحظت منه كنهه … ترد عن التشبيه حسرى فينتهوا

وإنّ مقاماً لا ترى العين شبهه … مقام عليٍّ كرم الله وجهه

لقد صير الغبراء خضراء قبره … وأشرق فيها في الحيقة بدره

وقد وافق الإعجاز لله دره … أثيرٌ مع الأفلاك خالف دوره

أحاط بنا علماً فليت سليقة … تفيد علوماً عن عُلاه دقيقة

مجازاً وقد جرنا إليه طريقة … أحطنا به وهو المحيط حقيقة

فطف في مقام حلّ فيه ولبّهِ … ترى العالم الأعلى حفيفاً بتربه

فكالمسجد الأقصى وأي تشبه … تطوف منا الأملاك طائفة به

فأثنى عليه من علا مثل دنا … وكلُّ بما أثنى أجاد وأحسنا

فخرب من الدانين إذ ذاك أعلنا … وحزب من العالين يهتف بالثنا

حججنا إلى بيت علا بجنابه … عشية آوينا إلى باب غابه

ومن قد سمت أركان كعبتنا به … جدير بأن يأوي الحجيج لبابه

فيوض علوم الله من قدم حوى … فقسّم منها ما أفاد وما احتوى

ومن قبل ما يثوي ومن بعد ما ثوى … حريٌّ بتقسيم الفيوض وما سوى

ظللنا وكم جان لديه ومذنب … وذي حاجة منا وصاحب مطلب

يقبّل والأجفان تهمي بصيّب … ثرى ً منه في الدنيا الثراء لمترب

خدمنا أمير المؤمنين بموطن … نعفّر فيه الوجه قَصْدَ تيمُّنِ

ويخدم قبر المرتضى كلُّ مؤمن … بأهداب أجفانٍ وأحداقِ أعين

أزلنا غباراً كان في قبر حيدر … فلاح كغمد المشرفيِّ المشهرّ

ولا غرو في ذاك المكان المطهرّ … أمطنا القذى عن جفن سيف مذكر

تبدى سنا أنواره وتبيَّنا … غداة جلونا قبره فتزيَّنا

فحيّر أفهاماً وأبهر أعينا … فوالله ما ندري وقد سطع السنا