سجين – بدر شاكر السياب

ذراعا أبي تلقيان الظلال … على روحي المستهام الغريب

ذراعا أبي والسراج الحزين … يطاردني في ارتعاش رتيب

وحفت بي الأوجه الجائعات … حيارى فيا للجدار الرهيب

ذراعا أبي تلقيان الظلال … على روحي المستهام الغريب

وطال انتظاري كأن الزمان … تلاشى فلم يبق إلا انتظار

وعيناي ملء الشمال البعيد … فيا ليتني أستطيع الفرار

وأنتِ التقاء الثرى بالسماء … على الآل في نائيات القفار

وطال انتظاري كأن الزمان … تلاشى فلم يبق إلا انتظار

أألقاك؟ تأتي على النجوم … وتمضي وما غير هذا السؤال

تغنيه في مسمعي الرياح … وتلقيه في ناظري الظلال

وترنو على جرسه الأمنيات … إلى ذكريات الهوى في ابتهال

أألقاك تأتي علي النجوم … وتمضي وما غير هذا السؤال

أصيخي أما تسمعين الرنين … تدوي به الساعة القاسية ؟؟

أصيخي فهذا صليل القيود … و قهقهة الموت في الهاوية

زمان .. زمان يهز النداء … فؤادي فأدعوك يا نائية

أصيخي أما تسمعين الرنين … تدوي به الساعة القاسية؟

أما تبصرين الدخان الثقيل … يجر الخطى من فم الموقد

تلوى فأبصرت فيه الظهور … وقد قوستها عصا السيد

وأبصرت فيه الحجاب الكثيف … على جبهة العالم المجهد

أما تبصرين الدخان الثقيل … يجر الخطى من فم الموقد

ولا بد من ساعة من مكان … لروحين ما زالتا في ارتقاب

سألقاك أين الزمان الثقيل … إذا ما التقينا و أين العذاب؟

سينهار على مقلتيك الجدار … وتفنى ذراعا أبي كالضباب

ولا بد من ساعة من مكان … لروحين ما زالتا في ارتقاب

وكيف التلاقي وبين المنى … وإدراكهن الدخان الثقيل؟

تموج الأساطير في جانبيه … ويحبو على صدره المستحيل

ونحن الغريقان في لجه … سننسى الهوى فيه عما قليل

وكيف التلاقي و بين المنى … وإدراكهن الدخان الثقيل

لينهد هذا الجدار الرهيب … وتندك حتى ذراعا أبي

أحاطت بي الأعين الجائعات … مرايا من النار في غيهب

إذا أستطعت مهرباً مقلتاي … تصدى خيالان في مهربي

فأبصرت ظلين لي في الجدار … أو استوقغني ذراعا أبي

سأبقى وراء الجدار البغيض … وعيناي لا تبرحان الطريق

أعد الليالي خلال الكرى … وأرعى نجوم الظلام العميق

فلا تيأسي أن تمر السنون … ويطفين في وجنتيك البريق

سأبقى وراء الجدار القديم … وعينان لا تبرحان الطريق