سبح خليلي وقل يا حسن تصوير – بشار بن برد
سبح خليلي وقل يا حسن تصوير … راحَتْ سُليْمَى تَهَادَى فِي الْمَقاصِيرِ
خَليفَة ُ الشَّمْسِ تكْفِي الْحَيّ غيْبَتهَا … كأنما صاغها الخلاق من نور
تَمَّتْ قَوَاماً وعمَّتْ فِي مَجَاسِدِهَا … كأنها من جواري الجنة الحور
ورُبَّمَا شَاقَنِي طيْفٌ بِصُورَتِها … وزرتها قبل أصوات العصافير
لما رأتْ مَضْرَحِيّاً خَلْفَ دانِيَة ٍ … من الدَّوَاع سَرَى فِي سِتْرِ مَأثُور
تشمست في الجواري ثم قلن لها … سيري فقالت أمير غير مأمور
حتى إذا غر فتق تحت وسنتها … وَرَاجَعَتْ بَعْدَ تَسْبِيحٍ وتَكْبِيرِ
وكان منها لنا شيء وكان لها … منا شبيهٌ به في غير تغير
نعى لنا الليل ناعٍ بين أغشية ٍ … تدعو الصباح بصوتٍ غير منزور
فزلت عنها وزالت في لعائبها … كأنَّمَا كان حُلْماً غَير مَعْبُور
يَا طِيبَهَا بَيْنَ رَيْحَانٍ ومُلْتثِمٍ … نَطْوِي الدُّجَا بسُجُودٍ لِلقَوارِير
من اللواتي إِذا حَنَّ الكِرَانُ لها … صلت بأذنٍ لصوت البم والزير
لولا الخليفة شارفنا زيارتها … لكِنْ عَهِدْنا أَمِينَ اللَّه في الخِير
قد كُنْتُ لا أَتَّقِي عيناً مُبَصَّرَة … ولا أراقبُ أهل الفحش والزور
حتَّى إِذا القائِم المَهْدِيّ أَوْعَدَنِي … في اللهْوِ خَلَّيْتُه للْعاشق الزِّير
فالآن أقصرت عن سلمى وزينني … عهد الخليفة زين البرد بالنير
يا سلم إنا تأياني لكم ملكٌ … حِبُّ الوَفَاءِ وشَوْقي غيرُ تَعْذِير
روحي عليك سلام الله وادعة ٍ … لا يقطعُ الإِلْفَ شَيءٌ غيرُ مقْدُور
إني يشيعني قلبي بقافية ٍ … راحت تحرقُ في كلبٍ وخنزير
أنا المرعث يخشى الجن بادهتي … ولا ينامُ الأعادي من مزاميري
رفعت قوماً وفي أحسابهم ضعة ٌ … وقد كَعَمْتُ رجالاً بعد تَهْرِير
ومُقْبِلٍ مُدْبرٍ في وَجْههِ ضَخَمٌ … كأنه قرص زادٍ غير مكسور
عَلَّلْتُهُ بِسِنَانِ الرمْحِ مُنْفَرِداً … دون الأحبة في سوداء ديجور
يا حسنه منظراً في حسن كاملة ٍ … طارَا عَلَى النَّفْسِ بل قالاَ لها طِيرِي
حتّى إِذا شُقَّ عنْهُ اللَّيْلُ وَدَّعَنِي … بعبرة ٍ ولثامٍ في التنانير
كأنه في بياض الصبح منصرفاً … بدر السماء تمادى في التماصير