سبحانَ من كوَّن السماءَ – محيي الدين بن عربي

سبحانَ من كوَّن السماءَ … والأرضَ والماءَ والهواءَ

وكونّ النارَ أسطقسّاً … فاكتملتْ أربعاً وفاءَ

صعدَ ماشاءَهُ بخاراً … وحلل المعصِراتِ ماء

ولم يكن ذاك عن هواها … لكنه كان حينَ شاءَ

وإنما قلتُ حينَ شاءَ … من أجل مَن شرَّع الثناء

مع القبولِ الذي لديها … فميّزَ الداءَ والدواء

منازلُ الممكناتِ ليستْ … في كلِّ ما تقتضي سواءَ

فالأمرُ دورٌ لذاكَ كانتْ … في الشكل كالأكرة ابتداء

تحرّكتْ للكمال شوقاً … تطلبْ في ذلك اعتلاء

والأمر لا يقتضيه هذا … بل يقتضي أمرُها انتماءَ

لولا وجودُ الذي تراهُ … ما أوجد الصبحَ والمساء

والحكم بي ما استقلَّ حتى … أوجدَ في عينِها ذكاءَ

من ضدّه كان كل ضدٍّ … فلم يكن ذلك اعتداء

أضحكني بسطهُ ولمَّا … أضحكني قبضهُ تناءَى

من كونه مانعاً بخلنا … والمعطي أعطى لنا السخاءَ

فلو علمتَ الذي علمنا … كلَّهُ عطاءَ

صيرني للذي تراهُ … على عيونِ النهى غطاءَ

… مِنْ خيرٍ أو ضدَّه جزاءض

وهو صحيحٌ بكل وجهٍ … أثبتهُ الشارعُ ابتلاءَ

فقالَ هذا بذا ففكرْ … إذ تسمعُ القولَ والنداءَ

والجودُ ما زال مستمرّاً … أودعه الأرضَ والسماء

قد جعلَ الله ما تراه … منها ومنْ أرضِها ابتناءَ

فقال إنِّي جعلتَ أرضي … فراشها والسما بناء

فالأمرُ أنثى تمدُّ أنثى … لكنهُ رجحَ الخفاءض

من غيرة ٍ كان ما تراه … مما به خاطب النساء

فذكر البعلَ وهو أنثى … وعند ذاك استوى استواءَ

من يعرفِ السر فيه يعثر … على الذي قلته ابتداء