زَمَنٌ مثلُ زورة الأَحْبابِ – الواواء الدمشقي
زَمَنٌ مثلُ زورة الأَحْبابِ … بعد يأْسٍ من مُغْرَمٍ بکجْتِنَابِ
فاسقني يا غلامُ عاش ليَ العيـ … ـشُ، مُداماً تُجْلَى بحَلْي الحَبابِ
ما تَرَى النَّايَ نبَّهَ العُودَ يَا صَا … حِ فَذَا نَادِبٌ وَذَا فِي کنْتِحابِ
وغناءً يكادُ أنْ يسكنَ الما … ءُ لتغريدهِ عنِ الاضطرابِ
من فتاة ٍ وصالها لي صدودٌ … و مواعيدها كلمعِ السرابِ
نزعوها مساويَ البعدِ لما … ألبسوها محاسنَ الإقترابِ
حين ألقتْ ذوائباً مثلَ نايا … تٍ زنامية ٍ بلا أثقابِ
وتلَوَّثْ ملطومة الخدِّ بالوَرْ … د وعادتْ كالشَّمْسِ بعدَ الذَّهابِ
في رياضٍ كأَنَّها ليس تَرْضَى … بکشتغالي بها عنِ الأَحْبابِ
نمَّ نمامها إلى روعِ قلبي … أَنَّهُ مُؤْمِنٌ له مِنْ عِقَابِ
لَوْ تَصَدّى نسيمُها لِمَشِيبٍ … عاد مِنْهُ إلَى أَوانِ الشبابِ
دَبَّجَ الغَيْثُ رَوْضَها مُذْ بَدا يَسْـ … ـحبُ منْ فوقها ذيولَ السحابِ
وَغَدا النَّرْجِسُ المُفَتِّحُ فيها … كعيونٍ تطلعتْ منْ نقابِ
وَ شقيقٍ تراهُ يسرجُ في الروْ … ضِ إذا ما بدا بغير شهابِ
كسهامٍ من الزبرجدِ قدْ ركـ … ـبَ فيها أزجة ُ العنابِ
يَجْتَلِيها بَنَفْسَجٌ في حِدَادٍ … و بهارٌ في صورة ِ المرتابِ
رسمتْ لي رسومُها كيف أَشْتا … قُ إليها في جَيْئَتي وَذَهابي
عاشقٌ لونَ عاشقيهِ إذا ما … راعَهم من ذِهابِهِ بالذَّهابِ
شربهُ من نسيمِ كافورِ طلًّ … و غذاهُ منْ زهرِ مسكِ الترابِ
في طروسٍ ما بين سطرٍ منَ الروْ … ضِ وَسَطْرٍ يُقْرَا بِلاَ إعْرَابِ
سَوْفَ أُكْفى ، بِـ«أَحْمَدٍ» لا سواهُ … من زماني، تَسَبُّبَ الأَسْبَابِ
الذي لا تراهُ مذْ كان إلاَّ … واقفاً بين نائلٍ وعقابِ
نثرتْ كفه المواهبَ لما … نَظمْتها عُلاهُ لِلطُّلاَّبِ
رائحٌ في العُلى براحة ِ جُودٍ … بابُ أموالها بلا بوابِ
لِيَ فيه مذاهبٌ مُذْهباتٌ … مقبلاتُ الإقبال عند الذهابِ
أخذتْ من لطافة ِ الحسن طبعاً … مزجتهُ بحسنِ طبعِ الشرابِ
يَا «أَبَا قَاسمٍ» أَزالَتْ عطايا … كَ صِعَاباً من الخُطوبِ الصِّعابِ
لاَ وَمَنْ رَدَّ عاقِبَاتِ الرزايا … بعطايا منها على الأعقابِ
ما أبالي إذا حسبتك منْ دهـ … ـرِي بما كان ساقطاً من حِسابي
بَخِلَ الباخلون عنَّا فأَمْطَرْ … تَ لنا نائلاً بغير سحابِ
حالتي تقتضيكَ دون اقتضائي … أنْ يكون الثوابُ دستَ الثيابِ
كلما لامَني خَبيثٌ بعَتْبٍ … قام لِبْسِي له مقامَ الجوابِ
فتبينْ عنوانَ حاليَ فالعنـ … ـوانُ ينبي بكلَّ ما في الكتاب
كنتُ أَخْشَى خرابَ دَهري وَقَدْ قُمْـ … ـتَ لعُمرانِ كلِّ دَهْرٍ خَرابِ
قلما ينفقُ الأديبُ ولن ينـ … ـفُقَ إلاَّ عَلَى ذَوِي الآدَابِ
وَا حيائي منَ العيونِ إذا ما … عايَنَتْنِي في هذه الأَسْلاَبِ
يَقْطَعُ العَضْبُ إنْ نَبَا عَنْ قَليلٍ … و يعودُ الهلالُ بعدَ الغيابِ