ذهول الذهول – عبدالله البردوني
لديه ، من أحلى الحكايا شكول … تثير فيها عنفوان الفضول
يخبرها .. يسألها .. ينتقي .. … من قصة الأشواق أشهى الفصول
وكيف ظ ينسل اليها إذا … تثاءب الباب ، وأرمى الدخول
وغاب في التفكير ، واعتاده … ظلّ دخاني ، كوجه العذول
ماذا ؟ إذا لاحت له فجأة … وأنكرته ، واحتمت بالأقول
لا ، لم يغب عن بالها ،إنه … كان لها جارا عطوفا وصول
لكن أتدري أن أشواقه … كما تكب العاصفات السيول ؟
ألا ترى ، أن اختلاجاته … أمامها شهق الحريق الأكول؟
وكان يخشى بين جيرانها … جارا ترابيّ الأماني ختول
يحمحم الشيطان في صدره … وبين فكيّه يصلّي بتول
واستنطق الباب ومدّ المنى … وهو احتراق وانتظار سئول
واستنزلتها قبضتا وهمه … فضمّها ، قبل احتمال النزول
من ذا ؟.. وإذ لاحت رماه الى … شموخ نديها ، الخيال العجول
وأقبلت في موكب من شذى … ملحن الخطو طروب الذبول
مفاصل الممشى على هطوها … عادت صنوجا ، واستحالت طبول
ومقلتاها ، تغزلان الرؤى … حمائما زرقا ، وصحوا كسول
كيف يناجها : ألا تنطوي … أحرفه ، تحت اصفرار الذبول؟
فينحني خجلان ، لكنّها … حسناء يرضيها اللهف الخجول
ماذا يلاقي ؟ شعلة بضّة … من الصبا ، والكبرياء الملول
دفئا ، واشراقا ، كما يرتمي … فجر الرّبى ، فوق اخضرار السهول
يحبو على أهدابها ، موعد … طفل ، ويسترخي عليه الخمول
في أي زاه من تهاويلها ؟ … يرسو ، وفي أي اخضرار يجول ؟
يذهله عن بعضها بعضها … فما الذي يغوي ظ وماذا يهول ؟
وعاد يحكيها لناي الهوى … ويسأل الأشباح ماذا يقول؟
هل يخبر الأشواق عنها كما … يخبر عن (جنات ) عدن رسول
وجهه ، أسئله حوّم … ظوامىء ، يمتصهنّ النحول
يخقن كالأوراق ، يسألن عن … روائح الأنثى ، رياح القبول
وكان يطوى شارعا جوّه … غاب ، كثيف ، من زنود (المغول)
كالنعش ، يستلقي عليه الدّجى … وتعجن السحب عليه الوحول
وساءل الدرب الثقات الحصى … من ذلك الآتي ؟ كطيف الطّلول
يمدّ رؤياه الى لا مدىّ … ويذرع الأوهام عرضا وطول
عهدته مرّ عشاء وفي … عينيه ، من أطياف (قيس ) فلول
وزار دارا بين جدرانها … صيف ، نبيذيّ الجنى والحقول
مضى إليها ذاهلا وانثنى … عن بابها ، وهو ذهول الذهول