دَعَاكَ الحُبُّ بالشَّعْبِ – بشار بن برد
دَعَاكَ الحُبُّ بالشَّعْبِ … من الذَّلْفَاءِ بالقلب
نَأتْهُ وَنأى عَنْهَا … وَأبْدَتْ قَالة َ الْعُجْبِ
فقدْ وَقَّفنِي الهَجْرُ … مِن الْمَوْتِ عَلى جَنْبِ
وَقِدْماً ذاك مَا زال … محلَّ اللهو في القربِ
رَهِيناً بالَّذِي لاقَيْـ … تُ بين الرغب والرهبِ
فرَهْبِي مِنْك في شَعْفِي … وَمِنْ مَوْتِ الْهَوَى رَغْبِي
لقد حاربني صبري … وما سالمني حبِّي
فلا يَقْرَبُنِي هَذا … وَلا هَاذاك مِنْ حِزْبِي
وَمَا أذْنبْتُ منْ ذنْبٍ … سوى حبِّي فما ذنبي
ونومُ العين ممنوعٌ … وَمَاءُ العَيْنِ في سَكْبِ
ألاَ لاَ لاَ أرَى مِثْلِي … ومثل الشوق في قلبي
أدنِّيها من الجدوى … وتدنيني من الكرب
وقدْ قُلْتُ لها سِرًّا … وإِعْلاَناً لدى صَحْبِي:
أما حسبكِ يا أسما … ء أني منكِ في حسبِ
كَفَتْكِ الْغاية ُ الدُّنْيا … مع الْقُصوى التِي تُكْبِي
وفِي أسْهلِ ما يأتِي … به كافٍ من الصَّعبِ
فلمَّا لمْ أنَلْ حَظًّا … بِمَا كَدَّرْتِ مِنْ شرْبِي
شَكَوْتُ الْقَلْبَ والذَّلْفَا … ء مع وجدي إلى ربي
فأصبحتُ بما حليتُ … من مشربي العذبِ
كَذِي الطِّبِّ تَعَنَّاهُ … وَمَا بِالْقَلْبِ مِنْ طِبِّ
وَسَاهِي النَّفْسِ مَحْزُوناً … يُزَجِّي النَّفْسَ بالْغَلْبِ
ولو يسطيعُ إذ شطَّت … على ما كان من عتبِ
حذاها وجههُ نعلاً … فلم تمشِ على التربِ
«أعَبَّادَة ُ» مِنْ حُبِّـ … كِ في الأحشاء كاللهبِ
إِذَا اسْتَغْفَيْتُ أضْنَانِي … ضَنَا الْمَحْمُولِ فِي الْخُشْبِ
فَإنْ حُدِّثْتِ يَوْماً عَنْ … فتى ماتَ من الحبِّ
فَقُولي تَصْدُقِي: ذَاكُمْ … صَفِيٌّ مِن بَنِي كَعْبِ
ليالٍ منكِ أهواها … هوى ً في الجدِّ واللعبِ
فَمْنْهَا لَيْلَة ٌ بِالتَّا … جِ أسْهَتْ لِلْهَوَى لُبِّي