خَيالٌ مِنَ النائي الهَوى المُتَبَعِّدِ – صريع الغواني
خَيالٌ مِنَ النائي الهَوى المُتَبَعِّدِ … سَرى فَسَرى عَنهُ عَزيمُ التَجَلُّدِ
دَعا وَطَراً حَتّى إِذا ما أَجابَهُ … أَطافَ بِمَطروفِ الجُفونِ مُسَهَّدِ
فَباتَ يُناجي النَجمَ حَتّى كَأَنَّما … يُخالِسُ عَينَيهِ الكَرى لَيلُ أَرمَدِ
إِذا أَمكَنَ السُلوانُ حَبَّةَ قَلبِهِ … ثَنى شَوقَهُ سَهمانِ ريشا بِإِثمِدِ
يُطالِعُهُ وَجهُ العَزاءِ وَتَرتَمي … بِهِ صَبوَةٌ في شَأوِ غَيرِ مُسَدَّدِ
إِذا أَلِفَ النَومُ الجُفونَ تَقَسَّمَت … كَراهُ تَباريحُ الهَوى المُتَجَدِّدِ
مَلامَكِ إِنّي لَم أُعَنِّف مَلامَةً … تَراءَت بِنُصحٍ مِن ضَميرِكِ فَاقصِدي
أَتى دونَ عَزمِ المَرءِ هَمٌّ مُبَرِّحٌ … وَقَلبٌ لَهُ إِن يَعرِضَ الشَوقُ يَكمَدِ
وَسِربٌ مِنَ الأَشجانِ يُطوى لَهُ الحَشى … عَلى شَرقٍ مَن يَلقَهُ يَتَبَلَّدِ
بَعَثنَ إِلى خُلّانِهِنَّ تَحِيَّةً … بِأَلحاظِ أَبصارٍ شَواهِدَ جُحَّدِ
فَلَمّا اِشرَأَبَّت صَبوَةٌ وَمَشى الهَوى … بِهِنَّ وَخَيَّفَت بَوحَةُ المُتَجَلِّدِ
صَفَحنَ قِياماً فَاِستَقَلَّت نُحورُها … بِمُنقَدَّةٍ عَنها الجَلابيبُ نُهَّدِ
عَشِيَّةَ وَلَّت رَوعَةُ الشَوقِ وَاِنطَوى … بِشاهِدِهِ باقي اِعتِزامي وَمَفنَدي
أَفاءَت لَهُ الأَرصادُ حِلماً فَرَدَّهُ … إِلى عَزمَةٍ مِن واجِدٍ مُتَلَدِّدِ
يَكيدُ بِهِ كِتمانَ صادِقَةِ الهَوى … غُروبٌ بِأَسرابٍ مِنَ الدَمعِ حُشَّدِ
إِلَيكَ أَمينَ اللَهِ ثارَت بِنا القَطا … بَناتُ الفَلا في كُلِّ ميثٍ مُسَرَّدِ
أَناخَت بِكَ الأَسفارُ وَالبيدُ أَينُقاً … رَمَتكَ بِها آمالُ غافينَ وُفَّدِ
أَخَذنَ السُرى أَخذَ العَنيفِ وَأَسرَعَت … خُطاها بِها وَالنَجُم حَيرانُ مُهتَدِ
فَلَمّا اِنتَضى اللَيلُ الصَباحَ وَصَلنَهُ … بِحاشِيَةٍ مِن فَجرِهِ المُتَوَرِّدِ
لَبِسنَ الدُجى حَتّى نَضَت وَتَصَوَّبَت … هَوادي نُجومُ اللَيلِ كَالدَحوِ بِاليَدِ
يَكونُ مَقيلُ الرَكبِ فَوقَ رِحالِها … إِذا مَنَعَت لَمسَ الحَصى كُلُّ صَيخَدِ
وَقاطِعَةٍ رِجلَ السَبيلِ مَخوَفَةٍ … كَأَنَّ عَلى أَرجائِها حَدَّ مِبرَدِ
عَزوفٌ بِأَنفاسِ الرِياحِ أَبِيَّةٍ … عَلى الرَكبِ تَستَعصي عَلى كُلِّ جَلعَدِ
يُقَصِّرُ قابَ العَينِ في فَلواتِها … نَواشِزُ صَفوانٍ عَلَيها وَجَلمَدِ
مُؤَزَّرَةٍ بِالآلِ فيها كَأَنَّها … رِجالٌ قُعودٌ في مَلاءٍ مُعَضَّدِ
إِذا الحَرَكاتُ هِجنَها وَقفَ الصَدى … عَلى نَبَزاتٍ مِن أَهازيجِ هُدهُدِ
تَناوَلتُ أَقصاها إِلَيكَ وَدونَهُ … مَقَصٌّ لِأَعناقِ النِجاءِ العَمَرَّدِ
بِوَجناءَ حَرفٍ يَستَجِدُّ مِراحَها … مِراحُ السُرى وَالكَوكَبِ المُتَوَقِّدِ
إِذا قَدَحَت إِحدى الحَصا قَذَفَت بِها … فَتَقذِفُ في أُخرى وَإِن لَم تَعَمَّدِ
أَقَلَّت إِلَيكَ الناجِداتُ مُعَرِّساً … عَلى أَمَلٍ جَوّابَ بَيداءَ قَردَدِ
تَراءَت لَهُ الأَحداثُ حَتّى إِذا اِقتَنى … رَجاءَكَ صَدَّت عَنهُ عَن قُربِ مَعهَدِ
وَقَفتَ عَلى النَهجِ الظُنونَ فَصَرَّحَت … وَأَدّى إِلَيكَ الحُكمَ كُلُّ مُشَرَّدِ
إِذا اِختَلَفَت أَهواءُ قَومٍ جَمَعتَهُم … عَلى العَفوِ أَو حَدِّ الحُسامِ المُهَنَّدِ
إِذا اِنجَحَروا جَلّى بِخَوفٍ عَلَيهِمُ … وَإِن أَصحَروا كانوا فَريسَةَ مُرصِدِ
بِكُلِّ سَبوحٍ في العَجاجِ كَأَنَّما … تَكَنَّفَ عِطفَيها جَناحا خَفَيدَدِ
إِذا هُنَّ غامَسنَ الدُجى بِغَنيمَةٍ … قَسَمنَ السُرى في كُلِّ سَهلٍ وَأَجلَدِ
كَأَنَّ أَكُفَّ القَومِ مَثنى وَمَوحَدا … تَعاطَينَ جادِيّاً عَلى ظَهرِ قَرمَدِ
تَحَيَّوا بِأَطرافِ القَنى وَتَعانَقوا … مُعانَقَةَ البَغضاءِ غَيرَ التَوَدُّدِ
وَفاجَأتَهُ قَبلَ الوَعيدِ بِحَتفِهِ … وَقَد عَجَزَت عَنهُ عَسى وَكَأَن قَدِ
وَخافَكَ حَتّى صارَ يَرتابُ بِالمُنى … وَيُتهِمُ نَجوى النَفسِ عِندَ التَوَحُّدِ