خَلِيلَيَّ قُومَا فَاعْذِرَا أوْ تَعَتَّبَا – بشار بن برد

خَلِيلَيَّ قُومَا فَاعْذِرَا أوْ تَعَتَّبَا … ولا تعذلاني أن ألذ وأطربا

إِذَا ذُكِرَتْ صَفْرَاءُ أذْرَيْتُ عَبْرَة ً … وَأمْسَكْتُ نَفْسِي رَهْبَة ً أنْ تَصَبَّبَا

ومما استفرغ اللذاتِ إلا مشيَّعٌ … إذا همَّ لم يذكر رضى من تغضبا

تغنَّى رفِيقِي باسْمِهَا فكأنَّما … أصاب بقلبي طائراً فتضربا

ومن عجب الأيام أن اجتنابنا … رَشَادٌ ولكِنْ لا نُطِيقُ التَّجَنُّبَا

إِذَا حنَّ مُشْتاقٌ حَنَنْتُ عِراضة ً … كما عارض الْعُودُ الْيَرَاعَ الْمُثقَّبا

وحاجات نفسٍ كن من درك الهوى … لقيتُ بها ضيفاً ولم ألق مرحبا

أُقلِّبُ في صفْراءَ كُلَّ عَشِيَّة ٍ … هواي ويأبى القلبُ إلاَّ تقلُّبا

أمَرَّ عَلَيَّ الْعَيْشَ يَوْمٌ عَدِمْتُهُ … وَلاَ أشْتَهِي لَيلي إِذَا مَا تَأوَّبَا

فقل في فتى ً سدت عليه سبيلهُ … فضاع وقد كان الطَّلوبَ المطلّبا

خطبْتُ عَلَى حَبْلِ الزَّمَانِ لَعَلَّهُ … يساعفني يوماً وقد كان أنكبا

خُلِقْتُ عَلَى مَا فِيَّ غَيْرَ مُخَيَّرٍ … هواي ولو خيرت كنت المهذبا

أُرِيدُ فَلاَ أُعْطَى ، وَأُعْطَى فَلَمْ أُرِدْ … وقَصَّرَ عِلْمِي أنْ أنَالَ الْمُغَيَّبَا

وأصرفُ عن قصدي وحلمي مبلغي … وأضحي وما أعقبت إلا التعجُّبا

وما الْبرُّ إِلاَّ حُرْمَة ٌ إِنْ رعيْتَها … رَشَدْتَ وإِنْ لم تَرْعَها كُنْتَ أخْيَبَا

أ “يحيى بن زيدٍ” فيم تقطع خلتي … لقدْ خُنْتَ وُدًّا بلْ تجشَّمْتَ مُعْجَبا

أحِين أشارتْ بي الأَكُفُّ مُعيدة ً … وحفَّتْ بيَ الْحمْراءُ خرْقاً مُعصَّبا

وقامتْ «عُقْيلٌ» منْ ورائِيَ بالْقَنَا … حِفَاظاً وعاقَدْتُ الْهُمَامَ الْمُحجَّبا

تَنحَّ أبا فِعْلٍ لأُمِّكَ حاجة ٌ … إلينا ولا تشتغب فما كنت مشغبا

أبُوك يهُودِيٌّ وأُمُّك عِلْجة ٌ … وأشبهت خنزير السواد المسيبا

وكُنْتَ ترَى حَرْبِي كحرْب خرائدٍ … فُوَاقاً فلمَّا رُحْنَ رَاجعْن مَلْعَبا

وهيهات ظنُّ الجاهلين من امرئٍ … بَعيدِ الرِّضى سُقْمٍ علَى منْ تحزَّبا

أبى الله ودِّي للخليلِ وقربهُ … إِذَا كَانَ خَوَّانَ الأَمَانَة ِ نَيْرَبَا