like-empty

كلمات

klmat.com

sun

خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم ... وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ

فظلم الليالي أنهن أشبْنني ... لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم

وظُلم الغواني أنهن صرمنني ... لظلم الليالي إنني لمُظلَّم

تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي ... وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم

فإن أغد محزوم السهام فربما ... غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم

ورب مَهاة صدتها بين نظرتي ... ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ

أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ ... فأستدرج الأقناص من حيث تعلم

رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته ... كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ

فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه ... فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم

وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ ... ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها ... وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم

هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ ... لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ

يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها ... سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم

لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه ... دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم

مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما ... ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ

كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ ... وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ

إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ ... غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ

أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً ... وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ

سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها ... شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ

سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله ... يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ

من الهيفِ لو شاءت لقامت ... بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم

كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ ... لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم مص خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ ... فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم ... وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم ... تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم ... فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم ... ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ ... أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم ... رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ ... فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم ... وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ ... ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم ... هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ ... يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم ... لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم ... مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ ... كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ ... إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ ... أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ ... سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ ... سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ ... من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم ... كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم ... وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم ... مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم ... وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ ... على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ ... يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم ... يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ًخصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ ... فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم ... وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم ... تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم ... فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم ... ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ ... أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم ... رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ ... فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم ... وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ ... ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم ... هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ ... يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم ... لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم ... مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ ... كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ ... إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ ... أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ ... سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ ... سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ ... من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم ... كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم ... وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم ... مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم ... وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ ... على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ ... يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم ... يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم ... نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه

ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ ... بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ

على الخَدِّ للعين التي هي أظلم ... ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ

على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ ... تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها

بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ ... عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ

تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم ... يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه

من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم ... وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ

يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم ... رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها

ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم ... تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ

تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ ... وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع

وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم ... إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ

لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم ... مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ

وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم ... لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ

على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم ... أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها

على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم ... كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ

حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ ... خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني

بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ ... وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً

فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ ... لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ

تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ ... يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ

مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ ... كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا ... يغازلني فيها غزالان منهما

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ ... إذا نصبا جيديهما فكلاهما

سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ ... ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ

لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ ... غزال وإبريق رذُومٌ وغادة

تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ ... فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ

وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ ... لعيني مُراعي شخصه فيه مأس

وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم ... فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى

هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ ... وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم

تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ ... مها كالمها إلا جبالَ متونها

وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم ... وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ

وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم ... يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً

وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ ... دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها

خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ ... فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها

تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ ... دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ

إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ ... وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا

لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ ... فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ

ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ ... قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ

ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ ... وقد طال ماذادتِ بها غير أنه

أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم ... بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ

يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم ... وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ

كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ ... تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً

قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ ... نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ

أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ ... فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ

وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ ... ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها

من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ ... تخايلُ منه في خضاب تخاله

طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ ... كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه

على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ ... وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا

إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ ... وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ

جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ ... ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده

وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ ... شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا

تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ ... فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه

ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ ... ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها

جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ ... ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها

هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ ... وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ

فليس لنجم في غواشيه منجمُ ... عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ ... لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ ... عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ ... يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ ... نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ

من العيس في يهماء والليل أيهمُ ... فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى

كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ ... يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ ... على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ

ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ ... من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها

لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ ... خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة

وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ ... ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ

فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ ... يُخال بها من رنّ هذي وهذه

إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ ... تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله

وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ ... وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه

وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ ... وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ ... أظلّ إذا كافحتها وكأنني

بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ ... نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ

تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ ... بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ ... ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً

وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ ... بذلك قد عللتُنفسي كُلّه

ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ ... سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه

وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُن خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم ... وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ

فظلم الليالي أنهن أشبْنني ... لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم

وظُلم الغواني أنهن صرمنني ... لظلم الليالي إنني لمُظلَّم

تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي ... وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم

فإن أغد محزوم السهام فربما ... غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم

ورب مَهاة صدتها بين نظرتي ... ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ

أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ ... فأستدرج الأقناص من حيث تعلم

رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته ... كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ

فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه ... فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم

وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ ... ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها ... وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم

هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ ... لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ

يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها ... سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم

لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه ... دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم

مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما ... ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ

كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ ... وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ

إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ ... غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ

أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً ... وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ

سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها ... شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ

سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله ... يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ

من الهيفِ لو شاءت لقامت ... بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم

كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ ... لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغمه

وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ ... يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم

مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً ... إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم

وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ ... فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ

على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ ... وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ

يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً ... وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم

يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً ... تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم

نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه ... ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ

بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ ... على الخَدِّ للعين التي هي أظلم

ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ ... على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ

تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها ... بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ

عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ ... تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم

يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه ... من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم

وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ ... يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم

رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها ... ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم

تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ ... تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ

وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع ... وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم

إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ ... لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم

مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ ... وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم

لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ ... على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم

أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها ... على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم

كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ ... حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ

خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني ... بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ

وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً ... فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ

لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ ... تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ

يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ ... مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ

كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ ... لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا

يغازلني فيها غزالان منهما ... ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ

إذا نصبا جيديهما فكلاهما ... سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ

ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ ... لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ

غزال وإبريق رذُومٌ وغادة ... تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ

فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ ... وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ

لعيني مُراعي شخصه فيه مأس ... وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم

فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى ... هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ

وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم ... تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ

مها كالمها إلا جبالَ متونها ... وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم

وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ ... وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم

يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً ... وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ

دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها ... خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ

فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها ... تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ

دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ ... إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ

وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا ... لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ

فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ ... ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ

قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ ... ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ

وقد طال ماذادتِ بها غير أنه ... أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم

بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ ... يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم

وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ ... كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ

تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً ... قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ

نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ ... أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ

فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ ... وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ

ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها ... من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ

تخايلُ منه في خضاب تخاله ... طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ

كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه ... على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ

وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا ... إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ

وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ ... جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ

ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده ... وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ

شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا ... تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ

فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه ... ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ

ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها ... جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ

ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها ... هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ

وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ ... فليس لنجم في غواشيه منجمُ

عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه ... وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ

لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه ... بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ

عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ ... كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ

يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ ... هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ

نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ ... من العيس في يهماء والليل أيهمُ

فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى ... كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ

يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله ... ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ

على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ ... ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ

من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها ... لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ

خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة ... وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ

ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ ... فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ

يُخال بها من رنّ هذي وهذه ... إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ

تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله ... وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ

وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه ... وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ

وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها ... سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ

أظلّ إذا كافحتها وكأنني ... بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ

نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ ... تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ

بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها ... ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ

ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً ... وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ

بذلك قد عللتُنفسي كُلّه ... ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ

سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه ... وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ

أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ ... وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ

فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ ... على أنه في سِنهِ متقدَّمُ

يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً ... كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ

له في المعالي والمكارم إخوة ٌ ... وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ

بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ ... صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ

فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ ... ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ

من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى ... فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ

إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً ... فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ

وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به ... له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم

فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى ... لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ

يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها ... على هِينة منه ولا يتندّمُ

له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ ... لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ

يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى ... إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ

فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه ... قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ

يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ ... ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ

مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها ... له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ

فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ ... وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ

فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ ... لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ

يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ ... ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ

إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى ... بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ

يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ ... وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ

فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته ... فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ

ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ ... إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ

إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه ... تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا

تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ ... وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم

فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها ... هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ

فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة ... على أنه في كُلّها متقسَّمُ

وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً ... فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ

إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته ... هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ

ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ ... مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ

خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً ... وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ

ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه ... قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ

تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه ... سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ

وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ ... إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ

لذلك أقفاه وسماه باسمه ... وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ

وماكان لاستصغارهِ اسمهُ ... أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ

ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ ... تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ

وماضرَّ من أضحى له اسم مُصغَّرٌ ... ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ

هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب ... وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ

لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ ... رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم

كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة ... ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ

ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها ... ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ

ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً ... لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ

فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً ... فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ

على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً ... هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ

لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت ... لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ

رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا ... بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ

توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه ... وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ

وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ ... ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم

وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه ... أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ مص خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ ... فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم ... وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم ... تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم ... فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم ... ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ ... أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم ... رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ ... فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم ... وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ ... ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم ... هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ ... يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم ... لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم ... مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ ... كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ ... إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ ... أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ ... سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ ... سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ ... من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم ... كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم ... وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم ... مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم ... وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ ... على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ ... يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم ... يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم ... نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه

ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ ... بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ

على الخَدِّ للعين التي هي أظلم ... ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ

على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ ... تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها

بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ ... عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ

تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم ... يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه

من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم ... وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ

يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم ... رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها

ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم ... تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ

تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ ... وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع

وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم ... إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ

لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم ... مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ

وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم ... لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ

على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم ... أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها

على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم ... كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ

حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ ... خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني

بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ ... وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً

فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ ... لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ

تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ ... يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ

مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ ... كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا ... يغازلني فيها غزالان منهما

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ ... إذا نصبا جيديهما فكلاهما

سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ ... ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ

لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ ... غزال وإبريق رذُومٌ وغادة

تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ ... فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ

وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ ... لعيني مُراعي شخصه فيه مأس

وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم ... فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى

هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ ... وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم

تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ ... مها كالمها إلا جبالَ متونها

وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم ... وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ

وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم ... يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً

وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ ... دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها

خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ ... فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها

تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ ... دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ

إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ ... وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا

لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ ... فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ

ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ ... قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ

ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ ... وقد طال ماذادتِ بها غير أنه

أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم ... بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ

يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم ... وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ

كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ ... تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً

قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ ... نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ

أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ ... فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ

وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ ... ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها

من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ ... تخايلُ منه في خضاب تخاله

طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ ... كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه

على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ ... وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا

إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ ... وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ

جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ ... ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده

وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ ... شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا

تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ ... فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه

ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ ... ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها

جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ ... ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها

هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ ... وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ

فليس لنجم في غواشيه منجمُ ... عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ ... لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ ... عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ ... يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ ... نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ

من العيس في يهماء والليل أيهمُ ... فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى

كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ ... يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ ... على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ

ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ ... من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها

لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ ... خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة

وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ ... ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ

فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ ... يُخال بها من رنّ هذي وهذه

إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ ... تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله

وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ ... وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه

وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ ... وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ ... أظلّ إذا كافحتها وكأنني

بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ ... نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ

تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ ... بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ ... ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً

وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ ... بذلك قد عللتُنفسي كُلّه

ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ ... سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه

وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ ... أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ

وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ ... فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ

على أنه في سِنهِ متقدَّمُ ... يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً

كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ ... له في المعالي والمكارم إخوة ٌ

وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ ... بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ

صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ ... فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ

ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ ... من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى

فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ ... إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً

فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ ... وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به

له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم ... فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى

لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ ... يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها

على هِينة منه ولا يتندّمُ ... له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ

لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ ... يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى

إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ ... فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه

قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ ... يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ

ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ ... مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها

له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ ... فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ

وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ ... فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ

لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ ... يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ

ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ ... إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى

بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ ... يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ

وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ ... فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته

فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ ... ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ

إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ ... إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه

تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا ... تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ

وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم ... فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها

هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ ... فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة

على أنه في كُلّها متقسَّمُ ... وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً

فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ ... إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته

هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ ... ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ

مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ ... خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً

وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ ... ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه

قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ ... تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه

سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ ... وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ

إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ ... لذلك أقفاه وسماه باسمه

وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ ... وماكان لاستصغارهِ اسمهُ

أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ ... ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ

تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ ... وماضرَّ من أضحى له مُصغَّرٌ

ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ ... هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب

وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ ... لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ

رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم ... كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة

ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ ... ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها

ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ ... ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً

لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ ... فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً

فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ ... على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً

هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ ... لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت

لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ ... رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا

بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ ... توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه

وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ ... وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ

ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم ... وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه

أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ ... ه فلا تسهمنَّ الحظَّ فيه فإنه

جزيلٌ ومامَنْ كان مثلك يُسْهَمُ ... تحمّل ما حُملتَه من أمانة ٍ

فناءَ بها منه ضليعٌ عَثمثُم ... حليم إذا ما الحلمُ أُحمِدَ غِبُّهُ

وأدَّى إلى العُقْبى التي هي أسلمُ ... جهولٌ على الأعداء جهلَ نكاية ٍ

يداوَى به جهلُ الجهولِ فيُحْسمُ ... وحاشاه من جهلِ الغباوة أنه

أطبُّ بأحناء الأمور وأحكمُ ... عَفُوٌّ إذا ما الذنبُ لم يعْدُ حدَّه

إلى الوِتْرِ تَبَّاعٌ قفا الوتر أرقمُ ... أخوذٌ بوثقي عروتَيْ كلّ خُطَّة ٍ

تروكُ الهوينا للتي هي أحزمُ ... حلا لشفاه الذائقين وإنه

على لهوات الآكلين لعلْقَمُ ... وداوَى من الأدواءِ حتّى أماتها

بأدوية ٍ لم يدرِ ماهنّ حِذيمُ ... فذو الزيغِ يُسْتَأنَى وذو الغيث يُنْتَحَى

وذو النفر يُسْتَدْنى وذو الشَّغْب يُوقمُ ... وكانت همومٌ لاتزال تهمُّها

رجالٌ فقد عادت مغايظَ تكظمُ ... ولاغروَ أن ذلّتْ له بعد عزّة ٍ

أنوفٌ عِدًى أضحتْ تُخَشُّ وتُحزَم ... تكنفُ هذا الدين والملكَ منكما

يلمْلم في أنضادهِ ويرْمرمُ ... رسا جبلا حَزْمٍ وعزمٍ وقوة ٍ

بمثلهما تحمى القواصي وتُعْصَمُ ... لتحملْ رقابٌ مائلاتٌ رؤوسها

حذارِ وإلا فالمليمون ألومُ ... هو السيفُ يجني كلَّ رأسٍ دنا له

وقدماً إذا استصرم الدومُ يصرمُ ... فأقصرَ قومٌ وانتهوا عن سفاهم

وهامُهمُ بين المناكب جُثَّمُ ... وإلا فإني ضامنٌ أنْ يبُزَّها

مجاثمَها سيفٌ من البأسِ مخذمُ ... بكفَّي عبيد الله يهوي بحدّه

إلى حيث أهوى الحقُّ لا يتلعثم ... همام إذا اعوجّتْ عوالي رماحِهِ

غدت بين أحناء الضلوع تُقوَّمُ ... له الراية السوداء تخفقُ فوقَها

مع النصر رايات من الطير حُوَّمُ ... يحمنَ عليها واثقاتٍ بأنها

ستُجزَر أشلاءَ الطغاة وتُلْحَمُ ... وماحربهُ حربٌ إذ نابذ العدا

ولكنها أرضٌ عليهم تُدمْدِمُ ... أخو الرأي والبأسِ اللذيْن كلاهما

يُكادُ به الجيش اللُّهام فيُهْزمُ ... يُرى أو يُلاقى وحدَه فكأنما

يُرى أو يُلاقى ألفُ ألفٍ مصممُ ... له عندَ قدْحِ الرأي من خطراته

وعند انتضاء العزم للأمر يدْهَمُ ... سُكونٌ كإطراقِ الشُّجاع وسورة ٌ

كسورته لابل أشدَّ وأعْرَمُ ... هو الليث طوراً بالعراء وتارة ً

له بين أجامِ القنا متأجَّمُ ... مُساورُ قِرنٍ أو مجيلُ جوائلٍ

من الرأي مكرُ الله فيهنَّ مدغَمُ ... ليطرقْهُ ضيفٌ أو لتطرقه نوبة ٌ

فما للقرى عن طارقيه مُعتَّمُ ... لكلّ نزيل قد أعدَّ عتاده

فللضيف ترحيب ومَثْوًى مكرمُ ... وإن كانت الأخرى ولانزلتْ به

فبأسٌ بمثليْه منالشر يؤدمُ ... يدبرهُ رأيٌ سديدٌ بمثله

تُرمّ مصاعيبُ الأمور وتخطم ... إذا ما أصاب الخطبَ لم يك فلتة ً

ولاهفوة ً في إثرها متندَّمُ ... به يهتدي الضُّلالُ عند ضلالهم

إلى سنَنَ القصدِ الذي هو أقومُ ... عجبتُ لرأي يُستضاءُ ودونه

سماءُ سماحٍ لاتزال تَغَيَّمُ ... ليفخرْ عبيدُ اللَّه فهْو الذي له

بفضلِ الحجى والبأسِ والجود يُحكَمُ ... ومافخرَ مَنْ لَو فاخر الفخر أصبَحَتْ

مقاليدُه عفواً إليه تسلَّمُ ... له الحلم لو يُلْقَى على الناسِ بعضُه

تعافوا فلم يُسفَك على الأرضِ محجمُ ... إلى البأس لو يمنى به الدهر مرة ً

لأغضى كما يغْضى الذليل المهضَّمُ ... إلى الجود لو يُعْدِي أقلُّ قليلهِ

أكفَّ الورى لم يُحْمَ للمال مَحْرَمُ ... خلائِقُ لو فُضَّتْ على الناسِ كلّهم

محاسنُها لم يبق في الناس مَشْتَمُ ... وإن عُدَّتِ الآدابُ يوماً وأهلُها

فذكراه ريحانُ القلوبِ المشمَّمُ ... هو المرسَلُ الأمثالُ في كلّ منطقٍ

يظلَّ بماء العين في الخدّ يُرْسَمُ ... من الشعراء الأعذبين قريحة ً

وعلاَّمَة ٌ بحرٌ من العلم مُفَعمُ ... إذا ما جَرى في حلبة عربية ٍ

تخلّف عن شأويه قُسٌّ وأكثَمُ ... جواد ثنى غرْبَ الجيادِ بغربه

فظلَّ يجاري ظلّها وهْيَ صُيَّمُ ... سبوق متى يطلبْ سبوقٌ لحاقَه

يفتْهُ به غَمْرُ البديهة مرْجَمُ ... لحوقٌ إذا خاضَ العجاجة َ شقَّها

فلا الشأو مقصورٌ ولا الوجه أقتمُ ... حلفتُ بأصوات الوفود التي لها

بصحراءَ جمع مَجْأَرٌ ومُهَيْنَمُ نم خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم ... وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ

فظلم الليالي أنهن أشبْنني ... لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم

وظُلم الغواني أنهن صرمنني ... لظلم الليالي إنني لمُظلَّم

تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي ... وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم

فإن أغد محزوم السهام فربما ... غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم

ورب مَهاة صدتها بين نظرتي ... ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ

أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ ... فأستدرج الأقناص من حيث تعلم

رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته ... كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ

فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه ... فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم

وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ ... ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ

ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها ... وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم

هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ ... لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ

يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها ... سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم

لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه ... دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم

مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما ... ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ

كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ ... وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ

إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ ... غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ

أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً ... وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ

سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها ... شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ

سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله ... يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ

من الهيفِ لو شاءت لقامت ... بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم

كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ ... لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم

وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ ... يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم

مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً ... إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم

وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ ... فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ

على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ ... وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ

يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً ... وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم

يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً ... تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم

نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه ... ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ

بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ ... على الخَدِّ للعين التي هي أظلم

ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ ... على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ

تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها ... بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ

عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ ... تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم

يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه ... من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم

وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ ... يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم

رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها ... ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم

تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ ... تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ

وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع ... وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم

إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ ... لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم

مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ ... وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم

لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ ... على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم

أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها ... على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم

كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ ... حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ

خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني ... بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ

وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً ... فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ

لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ ... تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ

يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ ... مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ

كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ ... لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا

يغازلني فيها غزالان منهما ... ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ

إذا نصبا جيديهما فكلاهما ... سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ

ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ ... لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ

غزال وإبريق رذُومٌ وغادة ... تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ

فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ ... وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ

لعيني مُراعي شخصه فيه مأس ... وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم

فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى ... هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ

وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم ... تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ

مها كالمها إلا جبالَ متونها ... وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم

وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ ... وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم

يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً ... وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ

دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها ... خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ

فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها ... تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ

دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ ... إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ

وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا ... لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ

فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ ... ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ

قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ ... ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ

وقد طال ماذادتِ بها غير أنه ... أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم

بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ ... يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم

وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ ... كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ

تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً ... قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ

نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ ... أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ

فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ ... وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ

ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها ... من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ

تخايلُ منه في خضاب تخاله ... طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ

كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه ... على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ

وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا ... إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ

وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ ... جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ

ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده ... وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ

شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا ... تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ

فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه ... ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ

ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها ... جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ

ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها ... هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ

وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ ... فليس لنجم في غواشيه منجمُ

عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه ... وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ

لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه ... بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ

عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ ... كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ

يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ ... هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ

نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ ... من العيس في يهماء والليل أيهمُ

فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى ... كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ

يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله ... ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ

على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ ... ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ

من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها ... لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ

خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة ... وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ

ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ ... فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ

يُخال بها من رنّ هذي وهذه ... إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ

تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله ... وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ

وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه ... وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ

وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها ... سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ

أظلّ إذا كافحتها وكأنني ... بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ

نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ ... تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ

بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها ... ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ

ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً ... وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ

بذلك قد عللتُنفسي كُلّه ... ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ

سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه ... وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ

أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ ... وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ

فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ ... على أنه في سِنهِ متقدَّمُ

يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً ... كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ

له في المعالي والمكارم إخوة ٌ ... وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ

بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ ... صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ

فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ ... ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ

من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى ... فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ

إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً ... فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ

وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به ... له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم

فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى ... لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ

يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها ... على هِينة منه ولا يتندّمُ

له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ ... لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ

يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى ... إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ

فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه ... قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ

يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ ... ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ

مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها ... له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ

فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ ... وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ

فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ ... لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ

يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ ... ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ

إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى ... بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ

يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ ... وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ

فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته ... فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ

ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ ... إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ

إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه ... تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا

تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ ... وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم

فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها ... هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ

فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة ... على أنه في كُلّها متقسَّمُ

وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً ... فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ

إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته ... هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ

ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ ... مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ

خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً ... وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ

ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه ... قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ

تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه ... سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ

وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ ... إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ

لذلك أقفاه وسماه باسمه ... وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ

وماكان لاستصغارهِ اسمهُ ... أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ

ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ ... تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ

وماضرَّ من أضحى له مُصغَّرٌ ... ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ

هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب ... وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ

لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ ... رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم

كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة ... ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ

ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها ... ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ

ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً ... لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ

فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً ... فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ

على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً ... هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ

لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت ... لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ

رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا ... بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ

توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه ... وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ

وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ ... ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم

وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه ... أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ

فلا تسهمنَّ الحظَّ فيه فإنه ... جزيلٌ ومامَنْ كان مثلك يُسْهَمُ

تحمّل ما حُملتَه من أمانة ٍ ... فناءَ بها منه ضليعٌ عَثمثُم

حليم إذا ما الحلمُ أُحمِدَ غِبُّهُ ... وأدَّى إلى العُقْبى التي هي أسلمُ

جهولٌ على الأعداء جهلَ نكاية ٍ ... يداوَى به جهلُ الجهولِ فيُحْسمُ

وحاشاه من جهلِ الغباوة أنه ... أطبُّ بأحناء الأمور وأحكمُ

عَفُوٌّ إذا ما الذنبُ لم يعْدُ حدَّه ... إلى الوِتْرِ تَبَّاعٌ قفا الوتر أرقمُ

أخوذٌ بوثقي عروتَيْ كلّ خُطَّة ٍ ... تروكُ الهوينا للتي هي أحزمُ

حلا لشفاه الذائقين وإنه ... على لهوات الآكلين لعلْقَمُ

وداوَى من الأدواءِ حتّى أماتها ... بأدوية ٍ لم يدرِ ماهنّ حِذيمُ

فذو الزيغِ يُسْتَأنَى وذو الغيث يُنْتَحَى ... وذو النفر يُسْتَدْنى وذو الشَّغْب يُوقمُ

وكانت همومٌ لاتزال تهمُّها ... رجالٌ فقد عادت مغايظَ تكظمُ

ولاغروَ أن ذلّتْ له بعد عزّة ٍ ... أنوفٌ عِدًى أضحتْ تُخَشُّ وتُحزَم

تكنفُ هذا الدين والملكَ منكما ... يلمْلم في أنضادهِ ويرْمرمُ

رسا جبلا حَزْمٍ وعزمٍ وقوة ٍ ... بمثلهما تحمى القواصي وتُعْصَمُ

لتحملْ رقابٌ مائلاتٌ رؤوسها ... حذارِ وإلا فالمليمون ألومُ

هو السيفُ يجني كلَّ رأسٍ دنا له ... وقدماً إذا استصرم الدومُ يصرمُ

فأقصرَ قومٌ وانتهوا عن سفاهم ... وهامُهمُ بين المناكب جُثَّمُ

وإلا فإني ضامنٌ أنْ يبُزَّها ... مجاثمَها سيفٌ من البأسِ مخذمُ

بكفَّي عبيد الله يهوي بحدّه ... إلى حيث أهوى الحقُّ لا يتلعثم

همام إذا اعوجّتْ عوالي رماحِهِ ... غدت بين أحناء الضلوع تُقوَّمُ

له الراية السوداء تخفقُ فوقَها ... مع النصر رايات من الطير حُوَّمُ

يحمنَ عليها واثقاتٍ بأنها ... ستُجزَر أشلاءَ الطغاة وتُلْحَمُ

وماحربهُ حربٌ إذ نابذ العدا ... ولكنها أرضٌ عليهم تُدمْدِمُ

أخو الرأي والبأسِ اللذيْن كلاهما ... يُكادُ به الجيش اللُّهام فيُهْزمُ

يُرى أو يُلاقى وحدَه فكأنما ... يُرى أو يُلاقى ألفُ ألفٍ مصممُ

له عندَ قدْحِ الرأي من خطراته ... وعند انتضاء العزم للأمر يدْهَمُ

سُكونٌ كإطراقِ الشُّجاع وسورة ٌ ... كسورته لابل أشدَّ وأعْرَمُ

هو الليث طوراً بالعراء وتارة ً ... له بين أجامِ القنا متأجَّمُ

مُساورُ قِرنٍ أو مجيلُ جوائلٍ ... من الرأي مكرُ الله فيهنَّ مدغَمُ

ليطرقْهُ ضيفٌ أو لتطرقه نوبة ٌ ... فما للقرى عن طارقيه مُعتَّمُ

لكلّ نزيل قد أعدَّ عتاده ... فللضيف ترحيب ومَثْوًى مكرمُ

وإن كانت الأخرى ولانزلتْ به ... فبأسٌ بمثليْه منالشر يؤدمُ

يدبرهُ رأيٌ سديدٌ بمثله ... تُرمّ مصاعيبُ الأمور وتخطم

إذا ما أصاب الخطبَ لم يك فلتة ً ... ولاهفوة ً في إثرها متندَّمُ

به يهتدي الضُّلالُ عند ضلالهم ... إلى سنَنَ القصدِ الذي هو أقومُ

عجبتُ لرأي يُستضاءُ ودونه ... سماءُ سماحٍ لاتزال تَغَيَّمُ

ليفخرْ عبيدُ اللَّه فهْو الذي له ... بفضلِ الحجى والبأسِ والجود يُحكَمُ

ومافخرَ مَنْ لَو فاخر الفخر أصبَحَتْ ... مقاليدُه عفواً إليه تسلَّمُ

له الحلم لو يُلْقَى على الناسِ بعضُه ... تعافوا فلم يُسفَك على الأرضِ محجمُ

إلى البأس لو يمنى به الدهر مرة ً ... لأغضى كما يغْضى الذليل المهضَّمُ

إلى الجود لو يُعْدِي أقلُّ قليلهِ ... أكفَّ الورى لم يُحْمَ للمال مَحْرَمُ

خلائِقُ لو فُضَّتْ على الناسِ كلّهم ... محاسنُها لم يبق في الناس مَشْتَمُ

وإن عُدَّتِ الآدابُ يوماً وأهلُها ... فذكراه ريحانُ القلوبِ المشمَّمُ

هو المرسَلُ الأمثالُ في كلّ منطقٍ ... يظلَّ بماء العين في الخدّ يُرْسَمُ

من الشعراء الأعذبين قريحة ً ... وعلاَّمَة ٌ بحرٌ من العلم مُفَعمُ

إذا ما جَرى في حلبة عربية ٍ ... تخلّف عن شأويه قُسٌّ وأكثَمُ

جواد ثنى غرْبَ الجيادِ بغربه ... فظلَّ يجاري ظلّها وهْيَ صُيَّمُ

سبوق متى يطلبْ سبوقٌ لحاقَه ... يفتْهُ به غَمْرُ البديهة مرْجَمُ

لحوقٌ إذا خاضَ العجاجة َ شقَّها ... فلا الشأو مقصورٌ ولا الوجه أقتمُ

حلفتُ بأصوات الوفود التي لها ... بصحراءَ جمع مَجْأَرٌ ومُهَيْنَمُه

لأصبح مَنْ سامَى الأميرَ كرائمٍ ... منالَ الثريا وهو أعسم أجذَم

أبا أحمد أنت الأميرُ بحقه ... على كل حال والمعاطسُ رُغَّمُ

ألست الذي يُعدى على الدهر إن عدا ... ويُنْصفُ منه كلُّ من يتظلم

بحسبك هذي ما حُييت إمارة ً ... تُجَلُّ بها حقَّ الجلال وتُعْظَمُ

ولاية َ لاعزْل وكلُّ منيحة ٍ ... من الخيم أبقى من سواها وأدومُ

من اللائي يجبي أهلُها الحمدَ التي ... جِبا أهلها دينارُ عيْن ودرهم

سلكتَ سبيل المجد وحدَك ممعناً ... ولم يبقَ منها موطىء يُتَرسَّمُ

فلم نَرَكَ استوحشتَ منها لوحْدَة ... ولاجُرْتَ عن قصد لأنك مُعلَمُ

وهل يوحشُ الإفرادُ من هو وحدَه ... خميسٌ تضيق الأرض عنه عرمرمُ

فأصبحتَ قد غادرتَ كلَّ ثنيَّة ... لها منهجٌ يهدي الأدلاَّء لَهجمُ

وفي الناس من يسمو بهمة ِ غيره ... إلى ذروة المجد التي تُتَسَنَّمُ

ينامُ عن المعروف إلا مبارياً ... بمعروفه معروفَ من يتكرمُ

وينكص في الهيجاء إلا مباهياً ... وإن كان للْحامي هنالك مَقدَمُ

فياتي منالعلياء والمجد ما أتى ... كمقتحمٍ في غمرة وهو مُقْحَمُ

كذاك المبادي والمسامي وإنما ... يُسامَى كريمٌ بالمكارم مُلزَمُ

ولاحمد إلاَّ لامرىء ذي قريحة ... يهشُّ أخوها للتي هي أكرمُ

هشاشته للماء تنسجُ متنهُ ... شمالٌ خَريقٍ وَهْوَ حَرَّان أهْيَمُ

على حينَ لم تبعثه إلا طبيعة ٌ ... تَيَقَّظُ للعلياء والناسُ نُوَّمُ

بمثلك فَلْتَرمْ الملوكُ ثغورَها ... فما جانبٌ يُولَى بمثلك أثلمُ

علمتك فيك الخيرُ والشرُّ كلُّه ... وكلك خيرٌ عندَ منَ يتفهم

وقد لُمسَتُ من صفيحتيك مرمسٌ ... وجُرّبْتَ قِدْماً والمجرَّبُ أعلمُ صم خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ ... فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم ... وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم ... تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم ... فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم ... ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ ... أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم ... رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ ... فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم ... وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ ... ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم ... هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ ... يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم ... لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم ... مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ ... كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ ... إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ ... أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ ... سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ ... سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ ... من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم ... كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم ... وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم ... مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم ... وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ ... على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ ... يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم ... يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم ... نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه

ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ ... بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ

على الخَدِّ للعين التي هي أظلم ... ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ

على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ ... تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها

بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ ... عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ

تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم ... يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه

من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم ... وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ

يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم ... رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها

ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم ... تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ

تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ ... وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع

وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم ... إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ

لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم ... مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ

وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم ... لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ

على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم ... أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها

على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم ... كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ

حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ ... خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني

بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ ... وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً

فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ ... لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ

تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ ... يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ

مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ ... كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا ... يغازلني فيها غزالان منهما

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ ... إذا نصبا جيديهما فكلاهما

سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ ... ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ

لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ ... غزال وإبريق رذُومٌ وغادة

تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ ... فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ

وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ ... لعيني مُراعي شخصه فيه مأس

وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم ... فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى

هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ ... وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم

تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ ... مها كالمها إلا جبالَ متونها

وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم ... وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ

وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم ... يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً

وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ ... دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها

خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ ... فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها

تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ ... دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ

إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ ... وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا

لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ ... فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ

ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ ... قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ

ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ ... وقد طال ماذادتِ بها غير أنه

أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم ... بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ

يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم ... وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ

كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ ... تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً

قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ ... نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ

أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ ... فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ

وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ ... ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها

من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ ... تخايلُ منه في خضاب تخاله

طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ ... كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه

على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ ... وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا

إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ ... وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ

جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ ... ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده

وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ ... شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا

تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ ... فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه

ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ ... ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها

جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ ... ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها

هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ ... وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ

فليس لنجم في غواشيه منجمُ ... عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ ... لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ ... عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ ... يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ ... نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ

من العيس في يهماء والليل أيهمُ ... فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى

كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ ... يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ ... على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ

ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ ... من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها

لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ ... خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة

وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ ... ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ

فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ ... يُخال بها من رنّ هذي وهذه

إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ ... تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله

وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ ... وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه

وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ ... وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ ... أظلّ إذا كافحتها وكأنني

بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ ... نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ

تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ ... بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ ... ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً

وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ ... بذلك قد عللتُنفسي كُلّه

ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ ... سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه

وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ ... أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ

وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ ... فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ

على أنه في سِنهِ متقدَّمُ ... يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً

كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ ... له في المعالي والمكارم إخوة ٌ

وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ ... بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ

صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ ... فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ

ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ ... من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى

فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ ... إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً

فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ ... وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به

له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم ... فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى

لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ ... يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها

على هِينة منه ولا يتندّمُ ... له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ

لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ ... يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى

إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ ... فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه

قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ ... يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ

ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ ... مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها

له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ ... فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ

وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ ... فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ

لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ ... يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ

ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ ... إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى

بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ ... يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ

وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ ... فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته

فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ ... ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ

إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ ... إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه

تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا ... تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ

وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم ... فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها

هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ ... فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة

على أنه في كُلّها متقسَّمُ ... وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً

فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ ... إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته

هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ ... ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ

مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ ... خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً

وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ ... ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه

قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ ... تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه

سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ ... وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ

إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ ... لذلك أقفاه وسماه باسمه

وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ ... وماكان لاستصغارهِ اسمهُ

أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ ... ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ

تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ ... وماضرَّ من أضحى له مُصغَّرٌ

ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ ... هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب

وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ ... لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ

رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم ... كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة

ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ ... ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها

ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ ... ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً

لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ ... فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً

فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ ... على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً

هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ ... لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت

لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ ... رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا

بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ ... توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه

وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ ... وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ

ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم ... وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه

أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ ... فلا تسهمنَّ الحظَّ فيه فإنه

جزيلٌ ومامَنْ كان مثلك يُسْهَمُ ... تحمّل ما حُملتَه من أمانة ٍ

فناءَ بها منه ضليعٌ عَثمثُم ... حليم إذا ما الحلمُ أُحمِدَ غِبُّهُ

وأدَّى إلى العُقْبى التي هي أسلمُ ... جهولٌ على الأعداء جهلَ نكاية ٍ

يداوَى به جهلُ الجهولِ فيُحْسمُ ... وحاشاه من جهلِ الغباوة أنه

أطبُّ بأحناء الأمور وأحكمُ ... عَفُوٌّ إذا ما الذنبُ لم يعْدُ حدَّه

إلى الوِتْرِ تَبَّاعٌ قفا الوتر أرقمُ ... أخوذٌ بوثقي عروتَيْ كلّ خُطَّة ٍ

تروكُ الهوينا للتي هي أحزمُ ... حلا لشفاه الذائقين وإنه

على لهوات الآكلين لعلْقَمُ ... وداوَى من الأدواءِ حتّى أماتها

بأدوية ٍ لم يدرِ ماهنّ حِذيمُ ... فذو الزيغِ يُسْتَأنَى وذو الغيث يُنْتَحَى

وذو النفر يُسْتَدْنى وذو الشَّغْب يُوقمُ ... وكانت همومٌ لاتزال تهمُّها

رجالٌ فقد عادت مغايظَ تكظمُ ... ولاغروَ أن ذلّتْ له بعد عزّة ٍ

أنوفٌ عِدًى أضحتْ تُخَشُّ وتُحزَم ... تكنفُ هذا الدين والملكَ منكما

يلمْلم في أنضادهِ ويرْمرمُ ... رسا جبلا حَزْمٍ وعزمٍ وقوة ٍ

بمثلهما تحمى القواصي وتُعْصَمُ ... لتحملْ رقابٌ مائلاتٌ رؤوسها

حذارِ وإلا فالمليمون ألومُ ... هو السيفُ يجني كلَّ رأسٍ دنا له

وقدماً إذا استصرم الدومُ يصرمُ ... فأقصرَ قومٌ وانتهوا عن سفاهم

وهامُهمُ بين المناكب جُثَّمُ ... وإلا فإني ضامنٌ أنْ يبُزَّها

مجاثمَها سيفٌ من البأسِ مخذمُ ... بكفَّي عبيد الله يهوي بحدّه

إلى حيث أهوى الحقُّ لا يتلعثم ... همام إذا اعوجّتْ عوالي رماحِهِ

غدت بين أحناء الضلوع تُقوَّمُ ... له الراية السوداء تخفقُ فوقَها

مع النصر رايات من الطير حُوَّمُ ... يحمنَ عليها واثقاتٍ بأنها

ستُجزَر أشلاءَ الطغاة وتُلْحَمُ ... وماحربهُ حربٌ إذ نابذ العدا

ولكنها أرضٌ عليهم تُدمْدِمُ ... أخو الرأي والبأسِ اللذيْن كلاهما

يُكادُ به الجيش اللُّهام فيُهْزمُ ... يُرى أو يُلاقى وحدَه فكأنما

يُرى أو يُلاقى ألفُ ألفٍ مصممُ ... له عندَ قدْحِ الرأي من خطراته

وعند انتضاء العزم للأمر يدْهَمُ ... سُكونٌ كإطراقِ الشُّجاع وسورة ٌ

كسورته لابل أشدَّ وأعْرَمُ ... هو الليث طوراً بالعراء وتارة ً

له بين أجامِ القنا متأجَّمُ ... مُساورُ قِرنٍ أو مجيلُ جوائلٍ

من الرأي مكرُ الله فيهنَّ مدغَمُ ... ليطرقْهُ ضيفٌ أو لتطرقه نوبة ٌ

فما للقرى عن طارقيه مُعتَّمُ ... لكلّ نزيل قد أعدَّ عتاده

فللضيف ترحيب ومَثْوًى مكرمُ ... وإن كانت الأخرى ولانزلتْ به

فبأسٌ بمثليْه منالشر يؤدمُ ... يدبرهُ رأيٌ سديدٌ بمثله

تُرمّ مصاعيبُ الأمور وتخطم ... إذا ما أصاب الخطبَ لم يك فلتة ً

ولاهفوة ً في إثرها متندَّمُ ... به يهتدي الضُّلالُ عند ضلالهم

إلى سنَنَ القصدِ الذي هو أقومُ ... عجبتُ لرأي يُستضاءُ ودونه

سماءُ سماحٍ لاتزال تَغَيَّمُ ... ليفخرْ عبيدُ اللَّه فهْو الذي له

بفضلِ الحجى والبأسِ والجود يُحكَمُ ... ومافخرَ مَنْ لَو فاخر الفخر أصبَحَتْ

مقاليدُه عفواً إليه تسلَّمُ ... له الحلم لو يُلْقَى على الناسِ بعضُه

تعافوا فلم يُسفَك على الأرضِ محجمُ ... إلى البأس لو يمنى به الدهر مرة ً

لأغضى كما يغْضى الذليل المهضَّمُ ... إلى الجود لو يُعْدِي أقلُّ قليلهِ

أكفَّ الورى لم يُحْمَ للمال مَحْرَمُ ... خلائِقُ لو فُضَّتْ على الناسِ كلّهم

محاسنُها لم يبق في الناس مَشْتَمُ ... وإن عُدَّتِ الآدابُ يوماً وأهلُها

فذكراه ريحانُ القلوبِ المشمَّمُ ... هو المرسَلُ الأمثالُ في كلّ منطقٍ

يظلَّ بماء العين في الخدّ يُرْسَمُ ... من الشعراء الأعذبين قريحة ً

وعلاَّمَة ٌ بحرٌ من العلم مُفَعمُ ... إذا ما جَرى في حلبة عربية ٍ

تخلّف عن شأويه قُسٌّ وأكثَمُ ... جواد ثنى غرْبَ الجيادِ بغربه

فظلَّ يجاري ظلّها وهْيَ صُيَّمُ ... سبوق متى يطلبْ سبوقٌ لحاقَه

يفتْهُ به غَمْرُ البديهة مرْجَمُ ... لحوقٌ إذا خاضَ العجاجة َ شقَّها

فلا الشأو مقصورٌ ولا الوجه أقتمُ ... حلفتُ بأصوات الوفود التي لها

بصحراءَ جمع مَجْأَرٌ ومُهَيْنَمُ ... لأصبح مَنْ سامَى الأميرَ كرائمٍ

منالَ الثريا وهو أعسم أجذَم ... أبا أحمد أنت الأميرُ بحقه

على كل حال والمعاطسُ رُغَّمُ ... ألست الذي يُعدى على الدهر إن عدا

ويُنْصفُ منه كلُّ من يتظلم ... بحسبك هذي ما حُييت إمارة ً

تُجَلُّ بها حقَّ الجلال وتُعْظَمُ ... ولاية َ لاعزْل وكلُّ منيحة ٍ

من الخيم أبقى من سواها وأدومُ ... من اللائي يجبي أهلُها الحمدَ التي

جِبا أهلها دينارُ عيْن ودرهم ... سلكتَ سبيل المجد وحدَك ممعناً

ولم يبقَ منها موطىء يُتَرسَّمُ ... فلم نَرَكَ استوحشتَ منها لوحْدَة

ولاجُرْتَ عن قصد لأنك مُعلَمُ ... وهل يوحشُ الإفرادُ من هو وحدَه

خميسٌ تضيق الأرض عنه عرمرمُ ... فأصبحتَ قد غادرتَ كلَّ ثنيَّة

لها منهجٌ يهدي الأدلاَّء لَهجمُ ... وفي الناس من يسمو بهمة ِ غيره

إلى ذروة المجد التي تُتَسَنَّمُ ... ينامُ عن المعروف إلا مبارياً

بمعروفه معروفَ من يتكرمُ ... وينكص في الهيجاء إلا مباهياً

وإن كان للْحامي هنالك مَقدَمُ ... فياتي منالعلياء والمجد ما أتى

كمقتحمٍ في غمرة وهو مُقْحَمُ ... كذاك المبادي والمسامي وإنما

يُسامَى كريمٌ بالمكارم مُلزَمُ ... ولاحمد إلاَّ لامرىء ذي قريحة

يهشُّ أخوها للتي هي أكرمُ ... هشاشته للماء تنسجُ متنهُ

شمالٌ خَريقٍ وَهْوَ حَرَّان أهْيَمُ ... على حينَ لم تبعثه إلا طبيعة ٌ

تَيَقَّظُ للعلياء والناسُ نُوَّمُ ... بمثلك فَلْتَرمْ الملوكُ ثغورَها

فما جانبٌ يُولَى بمثلك أثلمُ ... علمتك فيك الخيرُ والشرُّ كلُّه

وكلك خيرٌ عندَ منَ يتفهم ... وقد لُمسَتُ من صفيحتيك مرمسٌ

وجُرّبْتَ قِدْماً والمجرَّبُ أعلمُه ... فمن كان ذا جهلٍ فإنك مُبْشَرٌ

ومنْ كان ذا حلم فإنك مؤدَمُ ... وما سدٌ قولٌ في فعالك خَلَّة

ولاوَجَدَ المدّاحُ نقصاً فتمَّمُوا ... وماجاوزوا إذْ أطنبوا فيك أنْ دَعَوْا

بأسمائك اللائي بها كنتَ تُوسَمُ ... وما اتخذوا مدحاً إليك وسيلة ً

لأنك سيْحٌ يستقي ماءَة الفم ... ولكن رأوا دونَ الكلام ونظمِهِ

حقيقيْن إذ أنتَ المنادَى المكلمُ ... وما ملّئتْ منك الصدُورُ بهيبة ٍ

ولا عِظَمٌ إلا وشأنك أعظمُ ... إذا مادحٌ أسدَى وألحمَ باطلاً

فمدحك مسدًى بالذي فيك مُلحَمُ ... أقول لشاك بثَّهُ لم تزلْ به

من الحال أسمالٌ رِثاثٌ تُرمَّمُ ... ألا أيها الشاكي إليَّ خَصاصة

تضارِعهُ في السنّ بل هيَ أقدمُ ... ويشفق منها في بقية عمرهِ

أمنتَ وأنفُ الدهر أجدعٌ أكثمٌ ... أمن ضيقِ مثْوى المرء في بطن أمه

إلى ضيق مثواه من القبر يُسْلَمُ ... ولم يلقَ بين الضيق والضيق فُسْحَة ً

أبى ذاك أن الله بالعبد أرحم ... أنَّ عبيدَ الله للناس عصْمة ٌ

بأيديهم منها عُراً لاتُفَصَّمُ ... سيزجر عنك الدهرَ إن شئت زجرة ٌ

يصيخ لها خوفاً ولا يترمرم ... هو المرءُ أما مالُه فمحلَّلٌ

لعافٍ وأما جاره فمحرَّمُ ... لجيرانه منه مَحَلٌّ ممنَّعٌ

يضيم به الدهرَ الذليل المضيَّمُ ... وكفٌّ صَنَاعٌ تجبرُ الكسرَ منهمُ

وتدملُ من ذي كَلْمهم حين يُكْلمُ ... وتحتاطُ من كرّ الزمانِ عليهمُ

فتنهاه عنهم بالتي هي أحسُمُ ... تتبع أظفارَ الزمان تَتَبُّعاً

بآثارها في أهله أو تُقَلَّمُ ... فسرْ راشداً لاتَثْنينَّكَ طِيرة ٌ

كذوبٌ ولا رأي عن القصد أضْجَمُ ... إلى ملكٍ لاتبرحُ الطيرُ دونه

وإن برحتْ للركبِ لم يتشأَّموا ... إذا ماغدا الغادي إليه فإنه

على ثقة ٍ أنْ ليس في الطير أشأمُ ... ترغَّم في السير القلاصُ ولاترى

قلوصاً إذا سارت إليه تُرَغَّمُ ... وإن حَفِيتْ لم تُحْذ نعلاً وذُكّرتْ

به فرأيتَ المرْو بالبيد تُرْثَمُ ... يثوْبُ لها بعد الحفا عند ذكرِه

أظلُّ وقاحٌ يرضخُ الصخرَ ميثَمُ ... وإن ظمئتْ قالتْ لها النفسُ شمري

فعند ابن عبدالله عِدٌّ قَلَيْذَمُ ... وما تَضْربُ الأكباد نحو فنائه

من العيس بل عفوا تَحُبُّ وَتَسْعَمُ ... إلا رُبَّ قولٍ فيه أمكن قائلاً

ولو رامه في غيره ظلّ يكْعَمُ ... تفورُ ينابيع القريض بمدحهِ

إذا جعلتْ في آخرينَ تَسدَّمُ ... أطاعت معاني الشعر فيه وأصبحتْ

قوافيهِ حتّى قيل لي أنت مُلْهَمُ ... به درتِ الدنيا ولولاه أصبحتْ

يعلّلُنا منها أجَدُّ مُصَرَّمُ ... وكان سَنام العيش قبلَ ابن طاهر

أجَبَّ فقد أضحى به وهْو أكْوَمُ ... كريم التغاضي عن قوافٍ يزرنَهُ

له مغمز فيهن بادٍ ومُعْجَمُ ... يُثيبُ على النياتِ إن قال قائل

فجار عن القصد الذي يتيمَّمُ ... غفورٌ لمن لم يوفِهِ كُنْهَ حقّهم خصيمُ الليالي والغواني مُظلَّم

وعهد الليالي والغواني مُذمَّمُ ... فظلم الليالي أنهن أشبْنني

لعشرين يحدوهن حوْل مُجرّم ... وظُلم الغواني أنهن صرمنني

لظلم الليالي إنني لمُظلَّم ... تنكرن لي أن نكّر الشيبُ لمَّتي

وفي الشيب للسودِ الذرى متحرّم ... فإن أغد محزوم السهام فربما

غدا بي مُلقى غرة الصيد مُطعَم ... ورب مَهاة صدتها بين نظرتي

ونظرتها أيامَ رأسيَ أسحمُ ... أُعارض مرمى الوشح غير مخاتلٍ

فأستدرج الأقناص من حيث تعلم ... رأيتُ سوادَ الرأْسِ واللهو تحته

كليْلٍ وحُلمٍ باتَ رائيه ينعمُ ... فلما اضمحلّ الليلُ زال نعيمُه

فلم يَبْقَ إلا عهدُه المتوهَّم ... وصفراءَ بكرٍ لاقذاها مُغيّبٌ

ولاسِرُّ من حَلّتْ حشاهُ مُكتّمُ ... ينمُّ على الأمرين فرطُ صفائها

وسوْرتِها حتى يبوحَ المُجمجم ... هي الورسُ في بيضِ الكؤوس وإن بدَتْ

لعينيك في بيضِ الوجوه فعنْدمُ ... يظلُّ لها المزكومُ حين يسوفُها

سحابة َ يومِ وهْو بالمسك يُفعَم ... لها لذَّتا طعم ورشٍّ وكأنه

دبيب نمالٍ في نقاً بات يُرهَم ... مذاقٌ ومسرى في العروق كلاهما

ألذُّ من البرء الجديد وأنعمُ ... كأنهما لثمُ الحبيب وضمُّهُ

وقد باتَ منه تحت خدّك مِعصمُ ... إذا نزلتْ بالهم في دارِ أهلهِ

غدا الهمُّ وهو المرهَقُ المهضّمُ ... أقامتْ ببيتِ النارِ تسعين حجة ً

وعشراً يُصلّى حولها ويُزمزمُ ... سقتْني بها بيضاءُ فُوها وكأسُها

شبيها مذاقٍ عند من يتطعمُ ... سقيمة طرْفِ العينِ سُقماً بمثله

يصابُ صحيحات القلوبِ فتسقمُ ... من الهيفِ لو شاءت لقامت

بكأسها وخاتمُها في خصرها متختَّم ... كهمّ الخليّ اسودّ فرعٌ ومَكْحلٌ

لها خِلقة ً وابيضَّ ثغرٌ ومَلْغم ... وأشرقَ منها صحنُ خدٍّ مضرَّجٍ

يظلُّ بما فيه من الماء يُضرم ... مُفدًّى يسمى باسمِ فيها مقبَّلاً

إذا قيل للخدّ الشتيم ملطّم ... وأنَّى يسمّى ملْطماً وهوملثمٌ

فدى حُسْنَه من ذاك خَدٌّ مَلطَّمُ ... على أنه مغرًى به العضُّ مُولعٌ

وليس له ذنبٌ سوى الحُسنِ يُنقَمُ ... يُعضُّ وما أسدى إلى العين شيئاً

وليس بمظلومٍ وإن كان يُظْلم ... يظلّ إذا أبدى لنا منه صفحة ً

تلذّ بها أبصارنا وتنعَّم ... نُولّيه أطرافَ الثنايا وإنّه

ليَدْمَى من الألحاظِ بل حين يُوهمُ ... بذاك قضى قاضي الهوى وهْو ظالمٌ

على الخَدِّ للعين التي هي أظلم ... ومازال في القاضي الغشومِ تحاملٌ

على الخَصمِ للخصمِ الذي هو أغشمُ ... تفكَّهُ منها العينُ عند اجتلائها

بفاكهة ليست يدَ الدهر تُوخَمُ ... عناقيدُ فردوسٍ وتفاحُ جنّة ٍ

تتوقُ إليها كُلّ نفسٍ وتقرم ... يناغيهما رمانُ صدرٍ يعيذه

من العين ياقوتٌ ودرٌّ مُنظم ... وبين ثمار الرأس والعين عبهرٌ

يضاهيه منها أقحوانٌ مَديَّم ... رياضٌ وجناتٌ يهزُّ ثمارها

ونوارها غُصنٌ ودِعصٌ مركَّم ... تفاوتَ منها الخلقُ في حسن صورة ٍ

تفاوتَ إبداعٍ فرابٍ وأهْضمُ ... وخَدْلٌ وممشوقٌ وأبيض ناصع

وأسودُ غِربيبٌ وأقنى وأخثم ... إذا استعرضْتها العينُ دقَّ موشحٌ

لها ورَبا ردفٌ وجَلَّ مُخدّم ... مراكبُ للذَّات منها مضمَّرٌ

وما مسَّه ضُمرٌ ومنها مُطهَّم ... لها فِرقٌ شتًّى من الحُسنِ أجْمعتْ

على أن يُلقَّى البرْح منها المُتيَّم ... أما عجبٌ إجماعُ مختلفاتِها

على قتلِ من لاقَتْهُ لاتتأثَّم ... كذا السهمُ يصمى وهو شتَّى نجارهُ

حديدٌ وريشٌ وابنُ غِيل مُقوَّمُ ... خلوتُ بها فرداً إذا شئتُ علَّني

بكأسٍ لها ريَّا بنانٌ مُنعَّمُ ... وإن شئتُ ألهاني غناءان خِلْفة ً

فصيحٌ ومما تنطق الطير أعجمُ ... لدى روضة ٍ فيها النَّوْرِ أعينٌ

تُرقرق دمعاً بل ثغورٌ تبسَّمُ ... يضاحك روقَ الشمس منها مُضاحكٌ

مدامِعُه من واقعِ الطلّ سُجَّمُ ... كمستعبِر مستبشرٍ بعد حزنهِ

لبيْنِ خليطٍ قوّضوا ثم خيَّموا ... يغازلني فيها غزالان منهما

ربيبُ الفيافي والربيب المتوَّمُ ... إذا نصبا جيديهما فكلاهما

سواءٌ وإبريقٌ لديَّ مُفدَّمُ ... ثلاثة ُ أظبٍ نَجْرُها غيرُ واحدٍ

لذي اللهو فيها كلها مُتنعَّمُ ... غزال وإبريق رذُومٌ وغادة

تُحرّكُ من أوتارها وتُنَغّمُ ... فظبي يُغنّيه وظبي يُعلُّهُ

وظبي يرودُ التلعَ أو يتجرثَمُ ... لعيني مُراعي شخصه فيه مأس

وملهى ً وللمستطعم الصيد مطعم ... فقد عكفتْ منها عليهِ بما اشتهى

هنالك أظْآر من العيشِ رُوَّمُ ... وركبِ قنيصٍ قد شهدتُ جيادهم

تُحمْحِمُ في ثيرانِ وحشٍ تَغَمْغمُ ... مها كالمها إلا جبالَ متونها

وإلاّ مكانَ الوشمِ أو حيث تُلْطَم ... وإلاَّ مخَطَّ الكحلِ من كلّ مقلة ٍ

وإلا قروناً تدَّرِي فتزنم ... يُزنّجُ منها الناسبون وشيظة ً

وجمهورها في الناسبين مُرَوَّمُ ... دُفعنا إليها وهْي زُهرٌ كأنها

خلالَ أنيقِ النَّوْرِ نورٌ مجسَّمُ ... فما ذرَّ قرنُ الشمسِ حتى رأيتها

تعصفرها مثعنجرات تَهزمُ ... دلفنا لها بالسمهريّ فطالعٌ

إلى مصرعٍ يرتاده ومُحَرْجمُ ... وقد حاولتْ منجًى فقالت رماحُنا

لِمُمْعِنِها عرّجْ فهذا المخيَّمُ ... فلم يُنْجِها إحضارُها وهْو مُلْهَبٌ

ولاذبَّ عنها اللُّها وهو مُتْأمُ ... قرونٌ لها منها حرابٌ قرائنٌ

ولكنَّ خصمَ السمهرياتِ يُخْصَمُ ... وقد طال ماذادتِ بها غير أنه

أتيح لها رأسٌ من الكيدِ مِصْدَم ... بحيثُ يضمُّ الثورَ والعيْرَ مرتعٌ

يراعيهما فيه الأصكُّ المصلَّم ... وشُنَّتْ لها في آل أخدرَ غارة ٌ

كما شُبَّ أُلْهوبُ الحريقِ المضرَّمُ ... تنادمَ فيها الموتُ أحمر قاتماً

قريعَ المها والأخْدَريُّ المكدَّمُ ... نديمان من شتّى وكأسٌ كريهة ٌ

أباها من الشُّرَّابِ إلا المجشَّمُ ... فظلّ لنا يومٌ من اللهو مُمتعٌ

وظلّ لها يومٌ من الشرّ أيْومُ ... ورحنا على القُبّ العتاقِ وكلُّها

من العلقِ الوحشيِّ أقرحُ أرثمُ ... تخايلُ منه في خضاب تخاله

طِلاءً من الحناء قاناه بقَّمُ ... كأنّ لها حَظَّيْن مما تصيدُه

على أنها منه مدى الدهر صُوَّمُ ... وأنقذ منا العُفْرَ والرُّبْدَ ميلُنا

إلى العينِ والحُقْب التي هي أوسمُ ... وكان لنا في كلّ حقّ وباطلٍ

جُنوحٌ إلى الشأن الذي هو أفخمُ ... ومعتركٍ تبدو نجومُ حديده

وقد لفّه ليلٌ من النقع أطخمُ ... شهدتُ القنا فيه تقصّفُ والظُّبا

تُفلَّلُ والبيضَ الحصينَ تحطَّمُ ... فلم أكُ ممنْ حاصَ عن غمراتِه

ولاغاصَ فيها حيث غاصَ المغمَّمُ ... ولكنني غامست خَوْضَة َ هَوْلِها

جهيراً شهيراً حين ضلّ المقرقمُ ... ولم أغشها إلاَّ عليماً بأنّها

هي المجدُ أو مطرورة ُ الحدّ صَيْلَمُ ... وليلٍ غشا ليلٌ من الدَجْنِ فوقهُ

فليس لنجم في غواشيه منجمُ ... عفا جِلْبُهُ آيَ الهدى من سمائه

وأعلامَهُ من أرضهِ فَهْيَ طَسْيَمُ ... لبستُ دجاه الجونَ ثم هتكتُه

بوجناء يَنْميها غريرٌ وشدْقَمُ ... عُذافرة ُ تنقضّ عن كلّ زَجْرة ٍ

كما انقضّ من ذي المنجنيق الململمُ ... يخوضُ عليها لجة َ الهوْلِ راكبٌ

هو السيف إلا أنه لا يُثَلّمُ ... نجيبٌ من الفتيان فوق نجيبهِ

من العيس في يهماء والليل أيهمُ ... فريدْينِ يمضيها وتمضيه في الدجى

كسمراء يُمضيها وتُمضيه لهذمُ ... يريها الهدى حدْساً وتنجو برحله

ودون الهدى سدٌّ من الليل مُبْهَمُ ... على ظهرِ مَرْت ليس فيه مُعرَّجٌ

ولكنْ مَخَبٌّ للركاب ومَسْعَمُ ... من اللائي تنبو بالجنوبِ وكلها

لأيدي المهاري أملسُ المتنِ أدرمُ ... خلاءٌ قواءٌ خيرُ من مرعى مطيَّة

وموردها فيه النَّجاءُ الغشَمْشَمُ ... ينوحُ به بومٌ وتعزفُ جنة ٌ

فيعوي لها سِيدٌ ويضْبَحُ سَمْسَمُ ... يُخال بها من رنّ هذي وهذه

إذا اختلف الصوتان عُرْسٌ ومأتَمُ ... تعسَّفتُه إمَّا لخفضٍ أناله

وإمَّا سآمَ الخفضِ والخفضُ يُسْأمُ ... وللسيف حيناً مرقدٌ في حجابه

وحيناً مهبٌّ صادق ومُصمَّمُ ... وهاجرة بيضاءَ يُعدي بياضُها

سواداً كأن الوجه منهُ مُحمَّمُ ... أظلّ إذا كافحتها وكأنني

بوهَّاجها دونَ اللثام مُلثَّمُ ... نصبتُ لها مني محاسرَ لم تزلْ

تُصلَّى بنيرانِ العُلا فهي سُهَّمُ ... بديمومة ٍ لا صلَّ في صحصحانِها

ولا ماءَ لكنْ قورُها الدهرَ عُوَّمُ ... ترى الآلَ فيها يَلْطُم الآلَ مائحاً

وبارحُها المسمومُ للوجه ألطمُ ... بذلك قد عللتُنفسي كُلّه

ولكنْ بنو الأيام تُغْدَى وتُفْطَمُ ... سأُعْرض عما أعرضَ الدهرُ دونَه

وأشربُها صِرْفاً وإن لامَ لُوَّمُ ... أعمُّهُمُ مدحاً وأختصُّ منهمُ

وأخاهم عبيدَ اللَّه والحق يُلْزَمُ ... فتى منهمُ في فضله متقدّمٌ

على أنه في سِنهِ متقدَّمُ ... يُعدُّ إذا عُدَّ الملوك مبدَّأً

كما عُدَّ رأساً للشهور المحرَّمُ ... له في المعالي والمكارم إخوة ٌ

وليس له فيها على ذاك تَوْأمُ ... بنى بالمساعي سُؤدداً لا يُزيلُهُ

صروفُ الليالي أويزولَ يَلمْلَمُ ... فتًى لا أسمّيه فتى لحداثة ٍ

ولكن لأخلاق له لاتَكَهَّمُ ... من الأريحياتِ التي تُمتَرى الندى

فتَنْدَى وتلقَى عمرة ً فتقحَّمُ ... إذا النعلُ شمَّتْ في المجالسِ مرة ً

فإن له نعلاً تُشَمُّ وتُلْثَمُ ... وما دُبِغتْ بالمسك بل صُوفحت به

له قدمٌ في كلّ مجدٍ تَقدم ... فتى ليس من يومٍ يمر ولا يُرَى

لنعماه فيه أو لبؤساء ميسمُ ... يُمرُّ العطايا والمنايا لأهلها

على هِينة منه ولا يتندّمُ ... له فعلاتٌ من سماحٍ ونجدة ٍ

لمنْ يعتفي عُرْفاً ومن يتعرَّمُ ... يقومُ لها المالُ المؤثَّل والعِدَى

إذا قام للنار الحصادُ المحزَّمُ ... فتى عزمه سيفٌ حسامٌ وسيفُه

قضاءٌ إذا لاقى الضريبة َ مُبْرمُ ... يباشرُ أطرافَ القنا وهْو حاسرٌ

ويلقى لسانَ الذمّ وهْو مُلأمُ ... مُقبَّلُ ظهرِ الكفّ وهّابُ بطنها

له راحة ٌ فيها الحطيمُ وزمزمُ ... فظاهرُها للناس رُكن مُقبَّلٌ

وباطنها عينٌ من العُرفِ غيلمُ ... فتى لو رأى الناسُ الأمورَ بعينهِ

لما جهلوا أن المحامد مَغْنَمُ ... يدُلُّ عليه السائلين ارتياحهُ

ووجهٌ بسيما الأكرمين مُسوَّمُ ... إذا سئل استحيا من اللَّه أن يُرى

بموضعٍ مَرْجُوٍ وراجيه يُحرمُ ... يرى شرَّ يومَيْ ماله يومَ كسبهِ

وأفضلَ يوميه إذا ناب مَغْرَمُ ... فتى حسنتْ أسماؤه وصفاته

فأضحت بها أيدي الكواعب تُوشمُ ... ولو وسمَ الناسُ الجباهَ بمدحهِ

إذاً لاستلذوا الوسمَ والوسمُ يؤلمُ ... إذا ما أسرَّتْ أنفسُ القومِ ذِكْرَه

تبينتهُ فيهم ولم يتكلموا ... تطيبُ به أنفاسهُ فتذيعُهُ

وهل سِرُّ مسكٍ أُودِعَ الريحَ يُكْتَم ... فتى كَمُلتْ فيه الفضائلُ كلُّها

هنيئاً له الحظُّ الوفاءُ المتمَّمُ ... فلاة خلَّة ٌ منها أضرَّتْ بخلَّة

على أنه في كُلّها متقسَّمُ ... وما اقتسمتْ شتى الفضائل واحداً

فكاد من التقصير فيهنَّ يسلمُ ... إلى أيّ مافيه قصدتَ حسبته

هو الغرضُ المقصودُ فيه الميمَّمُ ... ليُنْظَمَ فيه ذلك الدرُّ سُلّكَتْ

مريرتُه والدرُّ في السلك يُنظَمُ ... خلالٌ جفا عنها الجفاة ُ خلائفاً

وخلقاً وهل للدرّ في الحبل مَنْظمُ ... ومازال عبدُ اللَّه يعلم أنّه

قديماً لهاتيك الشناشنِ أخزمُ ... تبينُ فيه وهْو في المهدِ أنه

سيرفعُ من بُنْيانه وسيدْعَمُ ... وأنْ سوف يحييه بماهو فاعلٌ

إذا هو واراه الضريحُ المطمطمُ ... لذلك أقفاه وسماه باسمه

وفي الحقّ يُقْفَى مثلهُ ويكرمُ ... وماكان لاستصغارهِ اسمهُ

أبى ذاك من معناه فخم مفخَّمُ ... ولكنَّ أسماءَ الأحبّة ِ لم تزلْ

تُصَغَّر في أهليهمُ وترخَّمُ ... وماضرَّ من أضحى له مُصغَّرٌ

ومعنى مُجلٌّ في الصدورِ معظّمُ ... هو الغرة البيضاءُ من آل مُصْعب

وهم بعده التحجيل والناس أدهمُ ... لتَفتَرَّ عنه في مواطن جَمَّة ٍ

رُزَيْق فما مفترُّها عنه أهتم ... كفاها به من مَضْحَكٍ يومَ زينة

ومن مَكْلح في الحربِ حين تَجَهَّمُ ... ثنايا لعمري وُضَّحٌ لا يشيِنُها

ونابُ عضاضٍ مِقْصلٌ حين يَضْغَمُ ... ألكْنِي إلى عمرو بن ليث رسالة ً

لها حين يدوى الغيبُ غيبٌ مُسلَّمُ ... فإنا غدونا نحمدُ اللَّه أوَّلاً

فواتحَ من حمدٍ بحمدك تُختَمُ ... على نعمة ٍ ألبستناها جديدة ً

هي الوشي حُسْناً والحبير المنمنمُ ... لك المسمعُ المصغى إليه إذا غدت

لبوساً لنا والمنظرُ المتوسَّمُ ... رعيتَ سدانا بالأمير فكلّنا

بذلك ممنونٌ عليه ومُنعَمُ ... توخّى بنا المرعى المرِىء نباتُه

وجنَّبنَا المرعى الذي يُتَوَخَّمُ ... وذبَّ الذئابَ الطُّلْسَ عنا فأصبحتْ

ومنها طريدُ الخوفِ والمتحرَّم ... وأثبتَ للأمرِ الذي يستديمه

أواخيَّ صدْقٍ أقسمتْ لاتَجَذَّمُ ... فلا تسهمنَّ الحظَّ فيه فإنه

جزيلٌ ومامَنْ كان مثلك يُسْهَمُ ... تحمّل ما حُملتَه من أمانة ٍ

فناءَ بها منه ضليعٌ عَثمثُم ... حليم إذا ما الحلمُ أُحمِدَ غِبُّهُ

وأدَّى إلى العُقْبى التي هي أسلمُ ... جهولٌ على الأعداء جهلَ نكاية ٍ

يداوَى به جهلُ الجهولِ فيُحْسمُ ... وحاشاه من جهلِ الغباوة أنه

أطبُّ بأحناء الأمور وأحكمُ ... عَفُوٌّ إذا ما الذنبُ لم يعْدُ حدَّه

إلى الوِتْرِ تَبَّاعٌ قفا الوتر أرقمُ ... أخوذٌ بوثقي عروتَيْ كلّ خُطَّة ٍ

تروكُ الهوينا للتي هي أحزمُ ... حلا لشفاه الذائقين وإنه

على لهوات الآكلين لعلْقَمُ ... وداوَى من الأدواءِ حتّى أماتها

بأدوية ٍ لم يدرِ ماهنّ حِذيمُ ... فذو الزيغِ يُسْتَأنَى وذو الغيث يُنْتَحَى

وذو النفر يُسْتَدْنى وذو الشَّغْب يُوقمُ ... وكانت همومٌ لاتزال تهمُّها

رجالٌ فقد عادت مغايظَ تكظمُ ... ولاغروَ أن ذلّتْ له بعد عزّة ٍ

أنوفٌ عِدًى أضحتْ تُخَشُّ وتُحزَم ... تكنفُ هذا الدين والملكَ منكما

يلمْلم في أنضادهِ ويرْمرمُ ... رسا جبلا حَزْمٍ وعزمٍ وقوة ٍ

بمثلهما تحمى القواصي وتُعْصَمُ ... لتحملْ رقابٌ مائلاتٌ رؤوسها

حذارِ وإلا فالمليمون ألومُ ... هو السيفُ يجني كلَّ رأسٍ دنا له

وقدماً إذا استصرم الدومُ يصرمُ ... فأقصرَ قومٌ وانتهوا عن سفاهم

وهامُهمُ بين المناكب جُثَّمُ ... وإلا فإني ضامنٌ أنْ يبُزَّها

مجاثمَها سيفٌ من البأسِ مخذمُ ... بكفَّي عبيد الله يهوي بحدّه

إلى حيث أهوى الحقُّ لا يتلعثم ... همام إذا اعوجّتْ عوالي رماحِهِ

غدت بين أحناء الضلوع تُقوَّمُ ... له الراية السوداء تخفقُ فوقَها

مع النصر رايات من الطير حُوَّمُ ... يحمنَ عليها واثقاتٍ بأنها

ستُجزَر أشلاءَ الطغاة وتُلْحَمُ ... وماحربهُ حربٌ إذ نابذ العدا

ولكنها أرضٌ عليهم تُدمْدِمُ ... أخو الرأي والبأسِ اللذيْن كلاهما

يُكادُ به الجيش اللُّهام فيُهْزمُ ... يُرى أو يُلاقى وحدَه فكأنما

يُرى أو يُلاقى ألفُ ألفٍ مصممُ ... له عندَ قدْحِ الرأي من خطراته

وعند انتضاء العزم للأمر يدْهَمُ ... سُكونٌ كإطراقِ الشُّجاع وسورة ٌ

كسورته لابل أشدَّ وأعْرَمُ ... هو الليث طوراً بالعراء وتارة ً

له بين أجامِ القنا متأجَّمُ ... مُساورُ قِرنٍ أو مجيلُ جوائلٍ

من الرأي مكرُ الله فيهنَّ مدغَمُ ... ليطرقْهُ ضيفٌ أو لتطرقه نوبة ٌ

فما للقرى عن طارقيه مُعتَّمُ ... لكلّ نزيل قد أعدَّ عتاده

فللضيف ترحيب ومَثْوًى مكرمُ ... وإن كانت الأخرى ولانزلتْ به

فبأسٌ بمثليْه منالشر يؤدمُ ... يدبرهُ رأيٌ سديدٌ بمثله

تُرمّ مصاعيبُ الأمور وتخطم ... إذا ما أصاب الخطبَ لم يك فلتة ً

ولاهفوة ً في إثرها متندَّمُ ... به يهتدي الضُّلالُ عند ضلالهم

إلى سنَنَ القصدِ الذي هو أقومُ ... عجبتُ لرأي يُستضاءُ ودونه

سماءُ سماحٍ لاتزال تَغَيَّمُ ... ليفخرْ عبيدُ اللَّه فهْو الذي له

بفضلِ الحجى والبأسِ والجود يُحكَمُ ... ومافخرَ مَنْ لَو فاخر الفخر أصبَحَتْ

مقاليدُه عفواً إليه تسلَّمُ ... له الحلم لو يُلْقَى على الناسِ بعضُه

تعافوا فلم يُسفَك على الأرضِ محجمُ ... إلى البأس لو يمنى به الدهر مرة ً

لأغضى كما يغْضى الذليل المهضَّمُ ... إلى الجود لو يُعْدِي أقلُّ قليلهِ

أكفَّ الورى لم يُحْمَ للمال مَحْرَمُ ... خلائِقُ لو فُضَّتْ على الناسِ كلّهم

محاسنُها لم يبق في الناس مَشْتَمُ ... وإن عُدَّتِ الآدابُ يوماً وأهلُها

فذكراه ريحانُ القلوبِ المشمَّمُ ... هو المرسَلُ الأمثالُ في كلّ منطقٍ

يظلَّ بماء العين في الخدّ يُرْسَمُ ... من الشعراء الأعذبين قريحة ً

وعلاَّمَة ٌ بحرٌ من العلم مُفَعمُ ... إذا ما جَرى في حلبة عربية ٍ

تخلّف عن شأويه قُسٌّ وأكثَمُ ... جواد ثنى غرْبَ الجيادِ بغربه

فظلَّ يجاري ظلّها وهْيَ صُيَّمُ ... سبوق متى يطلبْ سبوقٌ لحاقَه

يفتْهُ به غَمْرُ البديهة مرْجَمُ ... لحوقٌ إذا خاضَ العجاجة َ شقَّها

فلا الشأو مقصورٌ ولا الوجه أقتمُ ... حلفتُ بأصوات الوفود التي لها

بصحراءَ جمع مَجْأَرٌ ومُهَيْنَمُ ... لأصبح مَنْ سامَى الأميرَ كرائمٍ

منالَ الثريا وهو أعسم أجذَم ... أبا أحمد أنت الأميرُ بحقه

على كل حال والمعاطسُ رُغَّمُ ... ألست الذي يُعدى على الدهر إن عدا

ويُنْصفُ منه كلُّ من يتظلم ... بحسبك هذي ما حُييت إمارة ً

تُجَلُّ بها حقَّ الجلال وتُعْظَمُ ... ولاية َ لاعزْل وكلُّ منيحة ٍ

من الخيم أبقى من سواها وأدومُ ... من اللائي يجبي أهلُها الحمدَ التي

جِبا أهلها دينارُ عيْن ودرهم ... سلكتَ سبيل المجد وحدَك ممعناً

ولم يبقَ منها موطىء يُتَرسَّمُ ... فلم نَرَكَ استوحشتَ منها لوحْدَة

ولاجُرْتَ عن قصد لأنك مُعلَمُ ... وهل يوحشُ الإفرادُ من هو وحدَه

خميسٌ تضيق الأرض عنه عرمرمُ ... فأصبحتَ قد غادرتَ كلَّ ثنيَّة

لها منهجٌ يهدي الأدلاَّء لَهجمُ ... وفي الناس من يسمو بهمة ِ غيره

إلى ذروة المجد التي تُتَسَنَّمُ ... ينامُ عن المعروف إلا مبارياً

بمعروفه معروفَ من يتكرمُ ... وينكص في الهيجاء إلا مباهياً

وإن كان للْحامي هنالك مَقدَمُ ... فياتي منالعلياء والمجد ما أتى

كمقتحمٍ في غمرة وهو مُقْحَمُ ... كذاك المبادي والمسامي وإنما

يُسامَى كريمٌ بالمكارم مُلزَمُ ... ولاحمد إلاَّ لامرىء ذي قريحة

يهشُّ أخوها للتي هي أكرمُ ... هشاشته للماء تنسجُ متنهُ

شمالٌ خَريقٍ وَهْوَ حَرَّان أهْيَمُ ... على حينَ لم تبعثه إلا طبيعة ٌ

تَيَقَّظُ للعلياء والناسُ نُوَّمُ ... بمثلك فَلْتَرمْ الملوكُ ثغورَها

فما جانبٌ يُولَى بمثلك أثلمُ ... علمتك فيك الخيرُ والشرُّ كلُّه

وكلك خيرٌ عندَ منَ يتفهم ... وقد لُمسَتُ من صفيحتيك مرمسٌ

وجُرّبْتَ قِدْماً والمجرَّبُ أعلمُ ... فمن كان ذا جهلٍ فإنك مُبْشَرٌ

ومنْ كان ذا حلم فإنك مؤدَمُ ... وما سدٌ قولٌ في فعالك خَلَّة

ولاوَجَدَ المدّاحُ نقصاً فتمَّمُوا ... وماجاوزوا إذْ أطنبوا فيك أنْ دَعَوْا

بأسمائك اللائي بها كنتَ تُوسَمُ ... وما اتخذوا مدحاً إليك وسيلة ً

لأنك سيْحٌ يستقي ماءَة الفم ... ولكن رأوا دونَ الكلام ونظمِهِ

حقيقيْن إذ أنتَ المنادَى المكلمُ ... وما ملّئتْ منك الصدُورُ بهيبة ٍ

ولا عِظَمٌ إلا وشأنك أعظمُ ... إذا مادحٌ أسدَى وألحمَ باطلاً

فمدحك مسدًى بالذي فيك مُلحَمُ ... أقول لشاك بثَّهُ لم تزلْ به

من الحال أسمالٌ رِثاثٌ تُرمَّمُ ... ألا أيها الشاكي إليَّ خَصاصة

تضارِعهُ في السنّ بل هيَ أقدمُ ... ويشفق منها في بقية عمرهِ

أمنتَ وأنفُ الدهر أجدعٌ أكثمٌ ... أمن ضيقِ مثْوى المرء في بطن أمه

إلى ضيق مثواه من القبر يُسْلَمُ ... ولم يلقَ بين الضيق والضيق فُسْحَة ً

أبى ذاك أن الله بالعبد أرحم ... أنَّ عبيدَ الله للناس عصْمة ٌ

بأيديهم منها عُراً لاتُفَصَّمُ ... سيزجر عنك الدهرَ إن شئت زجرة ٌ

يصيخ لها خوفاً ولا يترمرم ... هو المرءُ أما مالُه فمحلَّلٌ

لعافٍ وأما جاره فمحرَّمُ ... لجيرانه منه مَحَلٌّ ممنَّعٌ

يضيم به الدهرَ الذليل المضيَّمُ ... وكفٌّ صَنَاعٌ تجبرُ الكسرَ منهمُ

وتدملُ من ذي كَلْمهم حين يُكْلمُ ... وتحتاطُ من كرّ الزمانِ عليهمُ

فتنهاه عنهم بالتي هي أحسُمُ ... تتبع أظفارَ الزمان تَتَبُّعاً

بآثارها في أهله أو تُقَلَّمُ ... فسرْ راشداً لاتَثْنينَّكَ طِيرة ٌ

كذوبٌ ولا رأي عن القصد أضْجَمُ ... إلى ملكٍ لاتبرحُ الطيرُ دونه

وإن برحتْ للركبِ لم يتشأَّموا ... إذا ماغدا الغادي إليه فإنه

على ثقة ٍ أنْ ليس في الطير أشأمُ ... ترغَّم في السير القلاصُ ولاترى

قلوصاً إذا سارت إليه تُرَغَّمُ ... وإن حَفِيتْ لم تُحْذ نعلاً وذُكّرتْ

به فرأيتَ المرْو بالبيد تُرْثَمُ ... يثوْبُ لها بعد الحفا عند ذكرِه

أظلُّ وقاحٌ يرضخُ الصخرَ ميثَمُ ... وإن ظمئتْ قالتْ لها النفسُ شمري

فعند ابن عبدالله عِدٌّ قَلَيْذَمُ ... وما تَضْربُ الأكباد نحو فنائه

من العيس بل عفوا تَحُبُّ وَتَسْعَمُ ... إلا رُبَّ قولٍ فيه أمكن قائلاً

ولو رامه في غيره ظلّ يكْعَمُ ... تفورُ ينابيع القريض بمدحهِ

إذا جعلتْ في آخرينَ تَسدَّمُ ... أطاعت معاني الشعر فيه وأصبحتْ

قوافيهِ حتّى قيل لي أنت مُلْهَمُ ... به درتِ الدنيا ولولاه أصبحتْ

يعلّلُنا منها أجَدُّ مُصَرَّمُ ... وكان سَنام العيش قبلَ ابن طاهر

أجَبَّ فقد أضحى به وهْو أكْوَمُ ... كريم التغاضي عن قوافٍ يزرنَهُ

له مغمز فيهن بادٍ ومُعْجَمُ ... ص يُثيبُ على النياتِ إن قال قائل

فجار عن القصد الذي يتيمَّمُ ... غفورٌ لمن لم يوفِهِ كُنْهَ حقّه

غفورٌ لمن لم يوفهِ كُنْهَ حقّه ... من المدح معطاء على ذاك مقثم

وما لعبيدِ الله وهو ابنُ طاهر ... على شاعرٍ لم يوفه المدح منقمُ

إذا ما أثيبَ الشعرٌُ إن جاد وشْيه ... أثابَ على الحمد الذي فيه يرقم

وما تلك إلا همَّة ٌ طاهرِيِّة ٌ ... تميلُ إلى الأمر الذي هو أجْسَمُ

قَلتْ زُخْرفُ الدنيا فلم يكُ قصدَها ... بُرودٌ تُوشَّى أو رياطٌ تُسَهَّمُ

ولكن صميمُ الحمدِ لا شيء غيرهُ ... أو الأجرُ إن ذُخر مقدَّمُ

تَبيَّنَ أنالمجدَ ليستْ سبيلُهُ ... سَبيلَ الملاهي عالمٌ لا يُعلَّمُ

فلم يَنْحُ بالمعروف نحوَ فُكاهة ٍ ... ولا نحوَ لهوٍ فيه عارٌ ومأثَمُ

ولو سام سَوْمَ اللهو قامتبلهوه ... فِصاحٌ بايديهن خُرْسٌ تَكلَّمُ

أولئك لو يلهو بهنّ كَفَيْنهُ ... وكان له فيهم ملهى ومَنْعَمُ

أبا المجدِ لا يفقدُك مدة َ عُمرة ِ ... عزيزاً فإن المجدَ بعدكَ ييْتَمُ

ولا آمتِ العلياءُ منك فإنها ... لمثلك قبل اليومِ كانتْ تأيَّمُ

شفيتِ من الحرمان قوماً وإنه ... لأدْوَى من الداء العَياء وأعْقَمُ

وأحييتَ موتى الشعر بعد فنائها ... وربَّ مسيح لم تناسبه مريمُ

ولي فيك آمال وقد عَلَقَتْ يدي ... بعروتك الوثقى فهل أنا مُسْلَمُ

أتيتك في عرضٍ جديدٍ طويتُه ... إلى أن لبستُ الشيبَ فالرأس أشيمُ

ومثلُكَ منْ لم يُلْقَ في عرْضِ بِذْلَة ٍ ... وما عذرُ من يلقاك والعرضُ أدْسَمُ

وقد كنتُ ذا وفرٍ من المال فاقتفى ... به جَذَعٌ جَمُّ الحوادثِ أزءلَمُ

وأني لأرجو أن تراني صروفُه ... منيعاً كأني في جوارك أعْصَمُ

وما بطَّأَتْ بي عنك نفسٌ مُمَثَّلٌ ... لها فيك ظنّ بِالمغيبِ مرجَّمُ

ولا فَهّة ٌ من عاجز متخاذلٍ ... إذا نابه يوماً الأمر مُعْظَمُ

بل الثقة ُ الوسْنَى وما زال أهلُها ... قديماً إذا استيقظ الناس نَوَّمُوا

وإنَّ همومي بعدها وعزائمي ... لأيقظ من نارِ الحريق واسهم

وفي ثقة تدعو إلى الرَّيْثِ مَعْجَبٌ ... لقوم ولكنْ أنتَ أَنت المفهَّم

إذا استعجم التأويل يوماً على امرىء ... فأعوصُ ما فيه لديك مُتَرْجَمُ

رمَى بي في أخرى عُفاتك أنني ... رأيتُ العطايا منك لا تُتَغَنَّمُ

لأنك لا يَعْتَدُّ جُودُكَ فُرصة ً ... تفوتُ وإن أضحتْ لُهاك تُقَسَّمُ

ولو خفت فوتاً بادرتْ بي عزيمة ٌ ... لها فرسٌ عندي من الجدّ مُلْجَمُ

ولكنني ممن يرى بَذْلك اللُّها ... متى شاءها حتماً من اللهِ يُحْتَمُ

أرى المالَ تحويه كمالي وديعة ٌ ... لدى مُودَعٍ لم تؤمنْ منه مُتْهَمُ

على أن ما أرجوه منك مُحَّصل ... وما كل ما أودعتُه متسلَّمُ

وما زالتُ كالمثرِي يطولُ تنمسي ... رجاءك مغبوطاً بما أتنسمُ

يُعَدُّ رجائي فيك مالا محصلاً ... أُدَنَّرُ في قوْمي به وأدرهُم

ويحسدنيه المحاسدون فموضعي ... به منهمُ مقذاة ُ عينٍ ومَرغَمُ

ويُلْزمني فيه الزكاة َ معاشرٌ ... ولم يَحْوِه ملكي وبالحقّ ألزموا

فهل بعد هذا كله أنا آئب ... خميص الحشا أم طاعن ما اطعم

أبتْ لك تخييبَ المجِّين شيمة ٌ ... تَذِرُّ إذا ضنَّ البخيل وترأمُ

منحْتكها حوليَّة َ النسْخِ لم تزل ... تعاني مدى حَوْلٍ دكيكٍ وتُخْدَمُ

يرى جَهليُّ تبجيلَ قدْرِها ... بحقّ وإسلاميُّهُ والمُخَضْرَمُ

إذا مِسْتَ فيها قيل وشيٌ محيَّرٌ ... على قمرٍ أو قيل رَبْطٌ مُسَهَّمُ

فدونَكها مغبوطة ً بك لو غدا ... سواك لها مولًى غدتْ وهي تُرْجَمُ

وعشْ عيشَ ثاوٍ خير دار فمالَهُ ... على غير زادٍ صالحٍ مُتَلَوَّمُ

وراءك جَدٌّ لا ينام كلاءة ... ودونك عزٌّ ذو مناكبَ مزْحمُ

ولا زلتَ ممدوحاً لمطريك مَصْدَقٌ ... إذا كان للمطرينَ في الناس مَزْعَمُ

like-empty

كلمات ابن الرومي

جاري التحميل...