حَدِّثْ حَديثَ فتاة ِ حَيٍّ مرّة ً – عمر ابن أبي ربيعة

حَدِّثْ حَديثَ فتاة ِ حَيٍّ مرّة ً … بالجزعِ بين أذاخرٍ وحراءِ

قَالَتْ لِجَارَتِها عِشاءً، إذْ رَأَتْ … نُزَهَ المَكَانِ وَغَيْبَة َ الأَعْدَاءِ

في رَوْضة ٍ يَمّمْنَهَا مَوْلِيَّة ٍ … مَيْثَاءَ رَابِيَة ٍ بُعَيْدَ سَماءِ

في ظِلِّ دَانِيَة ِ الغُصُونِ وَرِيقَة ٍ … نَبَتَتْ بأَبْطَحَ طَيِّبِ الثَّرياءِ

وكأنّ ريقتها صبيرُ غمامة ٍ … بردت على صحوٍ بعيدَ ضحاء:

ليتَ المغيري العشية َ أسعفتْ … دارٌ بهِ، لتقاربِ الأهواءْ

إذ غابَ عنا منْ نخافُ، وطاوعتْ … أرضٌ لنا بلذاذة ٍ وخلاء

قلتُ: اركبوا نزرِ التي زعمتْ لنا … أن لا نباليها كبيرَ بلاءِ

بينا كذلكَ، إذ عجاجة ُ موكبٍ، … رَفَعُوا ذَمِيلَ العِيسِ بِالصَّحْرَاءِ

قَالَتْ لِجَارَتِها انْظري ها، مَنْ أُولَى … وتأملي منْ راكبُ الأدماء؟

قَالتْ أَبُو الخَطَّاب أَعْرِفُ زِيَّهُ … وَرَكُوبَهُ لا شَكَّ غَيْرَ خَفَاءِ

قَالَتْ وَهَلْ قَالَتْ نَعَمْ فَاسْتَبْشِري … ممن يحبُّ لقيه، بلقاء

قالت: لقد جاءتْ، إذاً، أمنيتي، … في غيرِ تكلفة ٍ وغيرِ عناء

مَا كُنْتُ أَرْجُو أَن يُلِمَّ بأَرْضِنَا … إلا تمنيهُ، كبيرَ رجاء

فإذا المنى قد قربتْ بلقائه، … وأجابَ في سرٍّ لنا وخلاء

لما تواقفنا وحييناهما، … رَدَّتْ تَحِيَّتَنا عَلَى اسْتِحْيَاءِ

قلنَ: انزلوا فتيمموا لمطيكمْ … غيباً تغيبهُ إلى الإماء