حيّ الربوع وقف بها مستخبراً – ابن شهاب

حيّ الربوع وقف بها مستخبراً … وزر التي فتنت محاسنها الورى

والثم ثرى تلك الخدور فأنت في … حي تحية غيده لثم الثرى

فلك الهنا ما عشت إن شاهدت من … سلمى محيَّاها البديع المسفرا

خود محجبة كريمة منبتٍ … لم تدع كسرى جدها أو قيصرا

مهما تخيلها الفؤاد تسليّاً … شب الخيال به الجوى فتسعرا

لم أنس إذ يممتها ومصاحبي … فرسي لأظفر أو أموت فأعذرا

وقصدت منزلها وما غرضي سوى … في أن أنازعها الحديث وأنظرا

فتنكّرت ويجوز في شرع الهوى … صوناً لذي التعريف أن يتنكّرا

واستفهمت مع علمها بحقيقتي … أترابها من ذا بساحتنا طرا

فأجبن لكن بعد غمز حواجب … ضيف ألمّ بدارنا يرجو القرى

فسمرت أطيب ليلة وألذها … وعفاف نفسي غير منفصم العرى

وطفقت أسمع مزهراً وأرى هلالاً … نيّراً وأشم مسكاً أذفرا

قسماً بطلعتها وتلك ألية … حنث الذي آلى بها لن يغفرا

لو أنها التفتت بعين رضى إلى … من بالجفا قتلت لعاش وعمّرا

نفسي الفدى لمليكة الحسن التي … جعل الجمال لها الكواعب عسكرا

سجدت ملائكة الغصون لقدها … طوعاً ولم نر من أبي واستكبرا

حوراء تعلم إذ تٌفَوِّقٌ سهمها … أن القتيل بلحظها لن يثأرا

تذر الكمي مضرجاً بدمائه … هدراً وتأنف أن تصيد الجؤذرا

هيفاء ضامرة مدار نطاقها … وعثاء ما عقدت عليها المئزرا

بيضاء فرق في أثيث حالك … كالبدر يشرف في الظلام إذا سرى

أو كالإمام الحق برغشٍ الذي … بسناه صقع الزنج ضاء وأسفرا

ملكٌ كِرام العرب أمته التي … شرعت لكل موحد أن يفخرا

سبق الملوك مٌجليِّاً في حلبة … العليا فصلّوا خلفه لما جرى

وبنى كما يبني سعيد بالقنا … فوق السماكين المعاقل والذرى

وغدا قرين عرائس المجد التي … خطبت له مذ كان سرّاً مضمرا

وإليه تنثال الكرام ولم يعد … ضمآن من ورد النمير الكوثرا

لم يبق في سوق المكارم خلة … سيمت بأغلى قيمة إلا اشترى

بحر الندى الملك الرشيد فكل ذي … كرم وملك ليس إلا جعفرا

طود الوفاء فبينه والمودع … الأدراع ما بين الثريا والثرى

ملك يرى هبة اللجين نقيصة … ويرى الذي قبل اللجين مقصّرا

لم ترض همّته لفيض أكفه … إلا النضار أو النفيس الجوهرا

يعلو الجياد مجالداً وعلى الأسرة … حاكماً ولدى الخطابة منبرا

فرع ذكى من دوحة ما أنبتت … غصناً لها إلا بمجد أثمرا

من آل سلطان الذين استعبدوا … كرم النفوس وكان قبل محرّرا

والموردي الخيل العتاق موارداً … لا يعرف الخريت منها المصدرا

بملاحم سال النجيع بها فلم … تعقد سنابكها عليها عثيرا

فكأنها سفن ولا عجب إذا … خاضت سفين الخيل بحراً أحمرا

تهوي بكل غضنفر متقلّد … للهول أبيض أو سناناً أسمرا

عرفت شمائل راكبيها أنهم … كجدودهم لا يرجعون القهقرى

حتى يغادرن الكماة ببأسهم … إما أسيراً أو قتيلاً مهدرا

يسبون من يسبين في السلم النهى … ويرون أن المرء يحصد ما ذرى

أشبال غاب تحت راية قائد … خضعت لصولة بأسه أسد الشرى

وإذا استجار من الزمان به امرؤ … رهب الزمان بجاره أن يعثرا

إن كان يدعى غيره ملكاً فهذا … بالجلال على الملوك تأمرا

سكن السواد من البلاد وهل ترى … إلا السواد من العيون المبصرا

وله بقاصي الأرض غر فضايل … نشرت فأذكت من ثناه العنبرا

واستوجب التقديم بين ملوكها … شرفاً وإن يك عصره متأخّرا

احيا رسوم العدل حتى عمرت … بسمي همّته المدائن والقرى

كم لي أحاول والليالي ما ارتضت … إلا معاكستي ولم ترى ما أرى

خوض الطوامي كي أسود بزورة … لجنابة ويعود عودي أخضرا

حتى انثنت فثنت عنان موانعي … عني فأزمعت الرحيل مشمّرا

أزمعت من عدن ولي شجن بها … فارقت مذ فارقتها سنة الكرى

وتركت في حفظ الإله أحبّة … كانوا لمحض الفضل فيها مظهرا

وهم المصابيح التي يزهو بها … اليمن المبارك بل مصابيح الورى

وركبت سابحة ً كأن دخانها … سحب ولمع شرارها برق شرى

تفري أديم البحر ساخرة به … وتدوس هامته إذا ما زمجرا

تجري بأمر الله والريح التي … سر الإله بناره فيها سرى

تهوي هوي الأجدل المنقض لا … ترعى الجنوب ولا الدبور الأوزرا

حتى أتت حرم الأمان فكل من … حملت أهل ملبياً ومكبّرا

ونزلت سوح من النزيل بسوحه … في ذمّة من جوده لن تخفرا

الطاهر الشيم الذي أخلاقه … كالروض باكره الربيع فأزهرا

فحللت برج السعد حين رأيته … وحمدت في سفري مواصلة السرى

يا أيها الملك المفدّى والإمام … المقتدى والسيد السامي الذرى

بوركت من ملك ودمت مؤيّداً … بشبا القواضب والقنا مستنصرا

وبقيت ما بقي الزمان مكلّلاً … بالعز يكلؤك الجليل مظفرا

متقلّداً سيف الإمارة مرغماً … ما عشت شانئك اللئيم الأبترا

ولتهن في عيدٍ وجودك عيده … جذلاً فصل به لربك وانحرا

وإليك أومت بالسلام خريدة … ترجو بحسن قبولها أن تمهرا

نبذت معانيها ورائق لفظها … أترابها نبذ المسبح بالعرا

تزهو بصدق حديها إذا لم تكن … آياتك الغرّا حديثاً يفترى

فاقبل عن استيفاء مدحك عذرها … فعريض مجدك جل عن أن يحصرا