حمدتُ إلهي والمقامُ عظيم – محيي الدين بن عربي

حمدتُ إلهي والمقامُ عظيم … فأبدى سروراً والفؤادُ كليمُ

ويا عجباً من فرحة ٍ كيف قورنَتْ … بترحة ِ قلبٍ حلَّ فيهِ عظيمُ

ولكنني منْ كشفِ بحرٍ وجودهِ … عجبتُ لقلبي والحقائقُ هِيم

كذاك الذي أبدى من النورِ ظاهراً … على سدفِ الأجسامِ ليسَ يقيمُ

وما عجبي من نور جسمي وإنّما … عجبتُ لنورِ القلبِ كيفَ يريمُ

فإنْ كان عن كشفٍ ومشهدِ رؤية ٍ … فنورُ تجلِّيه عليه عميم

تفطّنت فاستر علة الأمر يا فتى … فهل زيّ خلق بالعليمِ عليم

تعالى وجودُ الذاتِ عن نيلِ علمه … به عند فصلي والفصالُ قديم

فغرنيقُ ربي قدْ أتاني مخبراً … بتعيين ختم الأولياء كريم

فقلت وسرّ البيتِ صفّ لي مقامه … فقال: حكيمٌ يصطفيه حكيم

فقلتُ يراهُ الختمُ فاشتدَّ قائلاً … إذا ما رآه الختمُ ليسَ يدومُ

فقلت وهل يبقى له الوقت عندما … يراه نعم والأمر فيه جسيم

وللختمِ سرٌّ لمْ يزل كلُّ عارفٍ … عليهِ إذا يسري إليهِ نحومُ

أشارَ إليهِ الترمذيُّ بختمهِ … ولم يُبدِه والقلبُ منه سليم

وما نالهُ الصديقُ في وقتِ كونهِ … وشمسُ سماءِ الغربِ منه عديم

مذاقاً ولكنَّ الفؤادَ مشاهد … إلى كلِّ ما يبديه وهو كتوم

يغار على الأسرار أن تلحق الثرى … ولا تمتطيها الزهرُ وهي نجوم

فإن أبدروا أو أشمسوا فوقَ عرشه … وكان لهم عندَ المقامِ لزوم

فربّتما يبدو عليهم شهودُها … فمنهم نجومٌ للهدى ورجومُ

ولكنه المرموزُ لا يدرك السنا … وكيف يرى طيبَ الحياة سقيم

فسبحان من أخفى عن العينِ ذاته … وبحر تجلِّيها عليه عميمُ

فأشخاصنا خمسٌ وخمسٌ وخمستهُ … عليهم نرى أمرَ الوجودِ يقوم

ومن قال إن الأربعين نهاية … لهم فهو قولٌ يرتضيه كليم

وإن شئت أخبر عن ثمانٍ ولا تزد … طريقهم فرد إليه قويم

فسبعتهم في الأرضِ لا يجهلونها … وثامنهم عند النجوم لزوم

فعندَ فنا خاءِ الزمانِ ودالها … على فاءِ مدلولِ الكودور يقوم

معَ السبعة ِ الأعلامِ والناسُ غفلٌ … عليم بتدبيرِ الأمور حليم

وفي الروضة ِ الغرّاءِ سمُّ غذائِه … وصاحبها بالمؤمنينَ رحيمُ

ويختصُّ بالتدبيرِ منْ دونِ غيرهِ … إذا فاح زهر أو يهبُّ نسيمُ

تراهُ إذا ناداهُ في الأمرِ جاهلٌ … كثيرَ الدعاوى أو يكيدُ زنيمُ

فظاهره الإعراضُ عنهُ وقلبهُ … غيورٌ على الأمرِ العزيزَ زعيمُ

إذا ما بقيَ منْ يومهِ ساعة ٍ … إلى ساعة ٍ أخرى وحلَّ صريمُ

فيهتز غصنُ العدلِ بعد سكونه … ويحيي نباتَ الأرضِ وهو هشيمُ

ويظهر عدلُ الله شرقاً ومغرباً … وشخصُ إمامِ المؤمنينَ رحيمُ

وثم صلاة ُ الحق تترى على الذي … به لم أزل في حالتيّ أهيم