حقُّ الأديب لازمٌ لذي الكرمْ – ابن الرومي
حقُّ الأديب لازمٌ لذي الكرمْ … فإن تناسى حقَّه فقد ظلم
أما رآه لم يزل أعنَى الخَدمْ … بالأدبِ الشعري طوراً والحِكم
مستملياً من عَرَب ومن عجمْ … مُنحرِفاً عن كلّ كسبٍ يُغتنم
حتَّى إذا ما قام في شخصٍ عَمَم … من أدبٍ ذي قيمة ٍ تعلو القيمْ
باتَ الخليُّ نائماً ولم ينم … فتّاق أرتاقٍ وغوَّاصَ حُوَم
بل بات يمري فكره تحت الظُّلم … مريَ أنوف إليهم أطراف الحلم
بمدحٍ أحسنَ من نشر الرممْ … أو من شباب ناشىء بعد هرمْ
أو من شفاء طاردٍ ضيفَ سقمْ … أو نعمٍ ملبوسة بعد نقمْ
أو من ثغورٍ واضحات تبتسمْ … أو من صدور كاعبات تُلتزَم
أو من ثُدِيّ ناهداتٍ تُستَلم … أو من تناغي النَّقرات والنغمْ
بين رياض أقلعتْ عنها دَيمْ … وأعقبتْها بعدها عُقبى وَهَم
أَرضعَ فيها الغيثُ شتّى ونظم … بكى على عابسها حتى ابتسم
ذو غُمة ضامنة ٍ كشفَ الغُمم … مُتَّصل الإيماض رجَّاس الهزم
قصائد نُظمْن كالدُّر التُّوَم … مثلَ التلاقي واقعاً بعد الندمْ
أومن هُدوّ بعد إقلاق الم … كأنما من كلّ قلب تُنتطم
يُخْترمُ الدهر وليست تختَرم … ألَّفها ذو طَبن وذو فَهَم
وسُهمة في الفكر ليست كالسُّهم … مُؤتمنُ في علمه لامتّهم
يلقي إليه سَلَمٌ بعد سلمْ … مُعوّلا على كريم ذي نعمْ
متَّكلاً فيما بنى وما نظمْ … وما رجا من الأُحاظي والقِسم
على كريم حرب لاسلم نغم … مُستحسنُ الشاهد محمود السّيمْ
منخفضُ النظرة طمَّاحُ الهممْ … حلاَّه من جوهره الغالي القيم
وهّابُ أمداحٍ لوهَّاب نعمْ … يأمُل أن ترعَى له تلك الحُرم
وأن تثاب بالغنى منه القدم … ماحقُّ هذا دفعهُ إلى العدمْ
حكمتُ فيه قاسماً نعم الحَكم … بَخْبِخ لشمس الأوْج لا نارِ الظُّلمْ