جعلَ الرقادَ لكيْ يواصلَ موعدا – بهاء الدين زهير
جعلَ الرقادَ لكيْ يواصلَ موعدا … من أينَ لي في حبهِ أنْ أرقدا
وَهوَ الحَبيبُ فكيفَ أصْبَحَ قاتِلي … وَالله لوْ كانَ العدوُّ لَمَا عَدَا
كم راحَ نَحوي لائِمٌ وَغَدا وما … راحَ الملامُ بمسمعيّ ولا غدا
في كلّ معتدلِ القوامِ مهفهفٍ … حلوِ التثني والثنايا أغيدا
يحكي الغزالَة َ بَهجَة ً وَتَباعُداً … ويقولُ قومٌ مقلة ً ومقلدا
وكذاكَ قالوا الغُصنُ يشبهُ قدَّهُ … يا قدَّهُ كلُّ الغُصُونِ لكَ الفِدَا
يا رامياً قلبي بأسهمِ لحظهِ … أحسبتَ قلبي مثلَ قلبكَ جلمدا
وهَوَاكَ لوْلا جورُ أحكامِ الهوَى … ما باتَ طَرْفي في هَواكَ مُسَهَّدَا
وَإلَيكَ عاذِلُ عن مَلامة ِ مُغرَمٍ … ما أتهمَ العذالُ إلاّ أنجدا
أو ما ترى ثغرَ الأزاهرِ باسماً … فرحاً وعريانَ الغصونِ قد ارتدى
وَقَفَ السّحابُ على الرُّبى مُتَحَيّراً … ومشى النسيمُ على الرياض مقيدا
ويَشُوقُني وَجهُ النّهارِ مُلَثَّماً … وَيَرُوقُني خَدُّ الأصيلِ مُوَرَّدَا
وكأنّ أنفاسَ النسيمِ إذا سرتْ … شكرتْ لمجدِ الدينِ مولانا يدا
مولى ً لهُ في الناسِ ذكرٌ مرسلٌ … ونَدًى رَوَتْهُ السُّحبُ عنهُ مُسنَدَا
ألِفَ النّدى وَالسيفَ راحة ُ كَفّهِ … فهما هُناكَ مُعرَّباً وَمُهَنّدَا
وإذا استَقَلّ على الجوادِ كأنّهُ … ظامٍ وقد ظَنّ المَجَرَّة َ مَوْرِدَا
جعلَ العنانَ لهُ هنالكَ سبحة ً … وغدا لهُ سرجُ المطهمِ مسجدا
مولى ً بدا من غيرِ مسألة ٍ بما … حازَ المُنى كرَماً وعادَ كَما بَدَا
وأنالَ جوداً لا السحابُ ينيلهُ … يوماً وإن كانَ السحابُ الأجودا
يُعزَى لقَوْمٍ سادَة ٍ يَمَنيّة ٍ … أعلى الوَرَى قَدْراً وأزْكى مَحتِدَا
الحالبينَ البدنَ من أوداجها … وَالمُوقِدينَ لهَا القَنَا المُتَقَصِّدَا
والغالبينَ على القلوبِ مهابة ً … والواصِلينَ إلى القُلوبِ تَوَدُّداً
وَإذا الصّريخُ دَعاهُمُ لُملِمّة ٍ … جعلوا صَليلَ المُرْهَفاتِ له صَدَى
يا سَيّداً للمَكرُماتِ مُشَيِّداً … لا فلّ غربكَ سيداً ومشيدا
لكَ في المعالي حجة ٌ لا تدعى … لمُعانِدٍ وَمحَجّة ٌ لا تُهتَدَى
وافاكَ شهرُ الصومِ يا من قدرهُ … فينا كليلة ِ قدرهِ لن يجحدا
وَبَقيتَ حَيّاً ألفَ عامٍ مثلَهُ … متضاعفاً لكَ أجرهُ متعددا
والدهرُ عندكَ كلهُ رمضانُ يا … مَن لَيس يَبرَحُ صائِماً مُتَهجّدَا