جاءَ القِرانُ، وأمرُ اللَّهِ أرسَلَهُ، – أبوالعلاء المعري

جاءَ القِرانُ، وأمرُ اللَّهِ أرسَلَهُ، … وكانَ سِترٌ على الأديانِ، فانخرَقَا

ما أُبرِمَ المُلكُ، إلاّ عادَ مُنتَقَضاً؛ … ولا تألّفَ إلاّ شَتّ وافترَقا

مذاهبٌ، جَعلوها من معايشهم، … مَن يُعمِلِ الفِكرَ فيها تُعطِهِ الأرقا

إحذَرْ سليلَكَ، فالنّارُ التي خرَجَتْ … من زندها، إن أصابَتْ عودَه احترَقا

وكلُّنا قومُ سوءٍ، لا أخصُّ بهِ … بعضَ الأنامِ، ولكن أجمعُ الفِرَقا

لا تَرْجُوَنّ أخاً منهم، ولا ولداً، … وإنْ رأيتَ حَياءً أسبَغَ العَرَقا

والنّفسُ شَرٌّ من الأعداءِ كلِّهمُ، … وإنْ خلَتْ بكَ يوماً، فاحترزْ فَرَقا

كم سيّدٍ، بارِقُ الجَدوى بميسمِهِ، … ساوَوا به الجديَ، عند الحتفِ، والبَرَقا

إن رُمتَ من شيخِ رَهطٍ، في ديانتِهِ، … دَليلَ عَقلٍ على ما قالَهُ خَرَقا

وكيفَ أجني، ولم يُورِقْ لهم غصُني؛ … والغُصنُ لم يُجنَ حتى أُلبِسَ الوَرَقا

عزّ المُهَيمِنُ كم من راحةٍ بُتكتْ … ظُلماً، وكان سِواها يأخذُ السَّرَقا

والدُّرُّ لاقَى المَنايا في أكفّهمُ، … وكم ثَوَى البَحرَ لا يخشى بهِ غرَقا

مَينٌ يُرَدَّدُ، لم يَرْضَوْا بباطِلِهِ، … حتى أبانوا، إلى تَصديقِهِ، طُرُقا

لا رُشدَ، فاصمتْ، ولا تسألهمُ رَشداً، … فاللُّبُّ، في الإنسِ، طيفٌ زائرٌ طَرقا

وآكلُ القوتِ لم يَعدمْ له عَنَتاً؛ … وشاربُ الماءِ لم يأمَنْ بهِ شرَقا

وناظِرُ العينِ والدّنيا بهِ رُئِيَتْ، … ما إنْ درى أسَواداً حلّ أم زرَقا

إذا كشَفتَ عن الرّهبانِ، حالَهمُ، … فكلُّهمْ يَتوَخّى التّبرَ والوَرِقا