جاءت كموج البحر تخطر بالكفَل – ابن شيخان السالمي
جاءت كموج البحر تخطر بالكفَل … وقوامها بالطعن في الأحشا كَفَلْ
بيضاء ما لمحت أسرّةُ وجههَا … بدرَ الدجى متعرّضاً إلا أفَلْ
أهلُ الهوى هاموا بحسن صفاتها … سمعاً فكيف ولو رأوها بالمقلْ
وَقْعُ العيون على قلوب أولي الهوى … يوم اللقاء أشدُّ من وقْع الأسَلْ
إنَّ التعرضَ للحتوف مُحبَّبٌ … إن كان غايته الوصولَ إلى الأملْ
لولا مقارفة الفتى لذنوبه … لوجدته متهافتاً لِسَنا الأجلْ
والمرءُ أيامَ الأمان بغفلة … يُمسِي ويُصبح في البطالة والكسلْ
فإذا أتاه الخطب أحرقَ قلبَه … أسفَا على التفريط في زاكي العملْ
هلا أعدَّ إلى الخطوب حماية … فإذا أتته لها تجلد وابتهلْ
من يدرِ أنّ لقاءه لحبيبه … حتمٌ ايحسن أن يلاقي بالزللْ
أسفي على حق الحبيب أضعته … جهراً فوجهي منه في فرط الخجلْ
أنعامه في كل يوم جمّةٌ … ولو المعاصي قابلتها لم تزلْ
الله ربي إن هذا الناس ما … عرفوا الإله حقيقة وهو الأجلّ
لم يخُلَقوا عبثاً فأمسوا رُتَّعاً … في غَيّهم تِيهاً كأنهمُ هَمَلْ
والناس منهم في البرايا من إذا … طرقته داهيةُ الخطوب لها استذلّ
إن الصبور الجَلْد من إن أقبلت … بجهاته زمر البلا كان البَطَلْ
كمقام سيدنا المعظم فيصل … في البحر إذ هو من ظفار قد قفلْ
ركبوا ب نور البحر والسلطان في … كرسيّه كالشمس في برج الحملْ
والبحرُ أوطأ ظهَره متذللاً … بسكينة للركب يعرف من حمَلْ
بَيْنا يسير عليه وهو برقْدة … حتى تنبه بالأشاخر واختبلْ
فكأنما عرف الشريكَ فهزَّهُ … غيظ كذلك من يشارك في العملْ
أوَقد درى هذا عليه مُستَوٍ … بسرير هامته وهذا قد سفَلْ
ولعلَّ ذلك منه رفض إذ رأى ال … ملكَ المعظمَ فاستخف به الجذلْ
أم ذاك خوف منه حين علا على … صهواته ارتعدت فرائصُه وَجَلْ
بل ذاك أمر ساقه المولى على … من لم يخفه فصار وعظا كالمثلْ
ولقد أبان الله قدرته على … كل الخلائق إنه الملك الأجلْ
الله أكبر كم شجاعٍ في الوغى … إذ شاهد البحر المَهُول قد انخذلْ
فتوقدت فَحماته جمْراً فجا … ء الموجُ يعلو فوقهم مثل الجبلْ
غشيتهم الظلمات فوقهم وتح … تهمُ فكانت فيهم سودَ الحُلَلْ
فإذا أتتهم موجة من وجهةٍ … ولوا وجوههم إليها كالقِبَلْ
لم يلتفت أحد إلى أحد ففي … كُلّ له عن غيره أمرٌ شغَلْ
رجعوا بأردية السرّور مليئةً … من طيبات ظفار لكن قد رَحَلْ
كم مُترفٍ مترفّهٍ أنساه ما … يعتاده من نعمة خوفُ الأجلْ
يا نعم نور البحر كم من صدمة … في البحر زاحمها بصَدْرٍ لا يُفَلّ
كم ظلمة فيه استقلت فانجلت … عن راكبيه بنوره يوم استقل
يهوى فيُوشِك أن يقبّل قعَره … طوراً ويعلو تارة يبغى زُحَلْ
والأمر ضاق وشمرت أحوالهم … عن ساقها بالرعب وانقطع الأملْ
والمال أن يتلف يُرى بدلٌ له … والنفس أن تتلف فليس لها بدلْ
وعلا الصريخُ وآل أمرهمُ إلى … ملك الورى رب الأواخر والأوَلْ
يا سامعاً ذا النون في الظلمات إذ … ناداهُ فاكشف عن عبيدك ما نزلْ
وتروّعوا فتورّعُوا وتقربوا … بنذورهم لله إن طال الأجلْ
يتداركون تخلّصاً والموت بَيْ … نَ عيونهم هلاّ ارعَوَوْا زمنَ المهلْ
وتخالفت آرائهم حتى بدا … تدبير نور البحر بالخور احتملْ
علم الإله العجز منهم ظاهراً … والأمر مرجعه إليه إذْ عضَلْ
فتداركتْهم رحمة منه عَلى … إنقاذهم لمَّا تقطعت الحِيلْ
بركاتُ سيدنا المعظم فيصل … طارت بهم في ساحل الأمن الأدلّ
يا خور خور كرامة ما أنت خورُ ج … رامةٍ بل أنت متَّسع الأجلْ
حصّنتَ أعماراً ومنها عمر من … لو توزن الدنيا بقيمته عَدَلْ
زهرت به الدنيا كعارض مُجْدِبٍ … بكر النعيم به فأشرق واستهلّ
سفَرَت مكارمه بأجياد الورى … دُررا فهل لنوال راحته خَوَل
والشهم تيمور بصحبته أتى … صعبَ الشكيمة واردَ الأمر الجلل
ما همَّ في أمر ليدرك شأوَهُ … إلاَّ تزحزحت المهامِهُ والقُلَلْ
ما أبرقت كفَّاهُ في سحب الندى … إلاَّ وأشرق بالعَطَا وجهُ الأملْ
رجعوا بتاج سَلامة فاهتزتِ … الدُّنيا بمقدِمهِم وأشرقت الدُوَلْ
وتَلبّست أرجاؤنا فَرحاً بهم … لم لا وسلطان الرعايا قد وصَلْ