ثنى الصعدة السمراء من لين قده – لسان الدين الخطيب
ثنى الصعدة السمراء من لين قده … وجرد من أجفانه سيف جده
وأقبل في جيش من الحسن رائع … ترى العرب العرباء من دون بنده
فمن ثعل الزوراء لمحة طرفه … ومن مضر الحمراء صفحة خده
ولاحت له في حومة القلب فتكة … تعجل نصر الله فيها لوعده
فحكم سيف اللحظ في عسكر الهوى … فكم مهجة مطلولة فوق حده
وكم من فؤاد ضاع في مأزق الهوى … فقيدا وقد أبلى بمبلغ جهده
وأشكل فها موته من حياته … فعمر في حكم الغرام لفقده
بنفسي حجازي الجمال إذا انتمى … تطأطأت العليا لعزة مجده
تبسم عن در من السمط رائق … تأنق صنع الله في نظم عقده
ثناياه قد أبدت معالم بارق … وأنفاسه أبدت نواسم نجده
وأعطافه تبدو عليها إذا انثنى … شمائل من بان الحجاز ورنده
تفجر من عين الجمال بمورد … تحوم القلوب إليهم من دون ورده
يلوح على أزراره قمر الدجى … ويمرح غصن البان في طي برده
ويختال أثناء الذؤابة هازئا … كما اختال سيف في خمائل غمده
لئن قلقت أعطافه في وشاحه … فكم أقلقت قلب المشوق بوجده
وإن كحل السحر المبين جفونه … فكم كحلت طرف المعنى بسهده
وقالوا عذار قلت لا بل صحيفة … عقدت له فيها وثيقة وده
فقبلت في ليل الذؤابة وجهه … وعدت بذاك النور من ليل صده
وعاطيته حمراء في لون أدمعي … إذا سكبت ذوب العقيق لبعده
وقلت لساقيها وللأنس طاعة … تحكم في هزل الحديث وجده
أدرها فرض الخد أخضله الحيا … وحف طراز الأنس من حول ورده
فناولها ممزوجة برضابه … ولو أنني أنصفت قلت بشهده
فلما بدت للراح فيه ارتياحة … ومالت شمال للشمول بقده
توسد أضغاث الرياحين وانثنى … يغط غطيط الطفل من فوق مهده
فبايعت سلطان العفاف ولم أجز … على فكرتي إلا الوفاء بعهده
أبا الشرف الأرضى تلطف بأنفس … غزاها غرام أصبحت نهب جنده
ترفق وعللها بأيسر نائل … يحوط دماها كالشمال ورده
وإن أنت لم تغفل فما أنت في الورى … بأول مولى جار في حكم عبده