تَوَكَّلنا عَلى رَبِّ السَماءِ – علي بن الجهم

تَوَكَّلنا عَلى رَبِّ السَماءِ … وَسَلَّمنا لِأَسبابِ القَضاءِ

وَوَطَّنّا عَلى غِيَرِ اللَيالي … نُفوساً سامَحَت بَعدَ الإِباءِ

وَأَفنِيَةُ المُلوكِ مُحَجَّباتٌ … وَبابُ اللَهِ مَبذولُ الفِناءِ

فَما أَرجو سِواهُ لِكَشفِ ضُرّي … وَلَم أَفزَع إِلى غَيرِ الدُعاءِ

وَلِم لا أَشتَكي بَثّي وَحُزني … إِلى مَن لا يَصَمُّ عَنِ النِداءِ

هِيَ الأَيّامُ تَكلِمُنا وَتَأسو … وَتَجري بِالسَعادَةِ وَالشَقاءِ

فَلا طولُ الثَواءِ يَرُدُّ رِزقاً … وَلا يَأتي بِهِ طولُ البَقاءِ

وَلا يُجدي الثَراءُ عَلى بَخيلٍ … إِذا ما كانُ مَحظورَ الثَراءِ

وَلَيسَ يَبيدُ مالٌ عَن نَوالٍ … وَلا يُؤتى سَخِيٌّ مِن سَخاءِ

كَما أَنَّ السُؤالَ يُذِلُّ قَوماً … كذاكَ يُعِزُّ قَوماً بِالعَطاءِ

حَلَبنا الدَهرَ أَشطُرَهُ وَمَرَّت … بِنا عُقَبُ الشَدائِدِ وَالرَخاءِ

فَلَم آسَف عَلى دُنيا تَوَلَّت … وَلَم نُسبَق إِلى حُسنِ العَزاءِ

وَلَم نَدَعِ الحَياءَ لِمَسِّ ضُرٍّ … وَبَعضُ الضُرِّ يَذهَبُ بِالحَياءِ

وَجَرَّبنا وَجَرَّبَ أَوَّلونا … فَلا شَيءٌ أَعَزُّ مِنَ الوَفاءِ

تَوَقَّ الناسَ يَاِبنَ أَبي وَأُمّي … فَهُم تَبَعُ المَخافَةِ وَالرَجاءِ

وَلا يَغرُركَ مِن وَغدٍ إِخاءٌ … لِأَمرٍ ما غَدا حَسَنَ الإِخاءِ

أَلم تَرَ مُظهِرينَ عَلَيَّ غِشّاً … وَهُم بِالأَمسِ إِخوانُ الصَفاءِ

بُليتُ بِنَكبَةٍ فَغَدَوا وَراحوا … عَلَيَّ أَشَدَّ أَسبابِ البَلاءِ

أَبَت أَخطارُهُم أَن يَنصُروني … بِمالٍ أَو بِجاهٍ أَو بِراءِ

وَخافوا أَن يُقالَ لَهُم خَذَلتُم … صَديقاً فَاِدَّعَوا قِدَمَ الجَفاءِ

تَضافَرَتِ الرَوافِضُ وَالنَصارى … وَأَهلُ الإِعتِزالِ عَلى هِجائي

فَبَختَيشوعُ يَشهَدُ لِاِبنِ عَمروٍ … وَعَزّونٌ لِهارونَ المُرائي

وَما الجَذماءُ بِنتُ أَبي سُمَيرٍ … بِجَذماءِ اللِسانِ عَنِ الخَناءِ

وَعابوني وَما ذَنبي إِلَيهم … سِوى عِلمى بِأَولادِ الزِناءِ

إِذا ما عُدَّ مِثلُهُمُ رِجالاً … فَما فَضلُ الرِجالِ عَلى النِساءِ

عَلَيهِم لَعنَةُ اللَهِ اِبتَداءً … وَعَوداً في الصَباحِ وَفي المَساءِ

إِذا سَمَّيتُهُم لِلنّاسِ قالوا … أُولئِكَ شَرُّ مَن تَحتَ السَماءِ

أَنا المُتَوَكِّلِيُّ هَوىً وَرَأياً … وَما بِالواثِقِيَّةِ مِن خَفاءِ

وَما حَبسُ الخَليفَةِ لي بِعارٍ … وَلَيسَ بِمُؤيسي مِنهُ التَنائي