تنهدات – بدر شاكر السياب

سعف النخيل على الممر تهدل … و أحجب بظلك ما يراه المجتلى

من كنت أحذر أن تحجب طيفها … عن ناظري نزلت بأبعد منزل

سيان عندي اليوم قفر موحش … و ظلال روض مستطاب المنهل

فسل النسائم أن تكف عن السرى … ما للفؤاد بسيرها من مأمل

إن أقبلت بشذى الزهور و لم يكن … عطر الحبيبة فيه فلتتحول

أبدا تذكرني المروج بمن نأت … وربابة الراعي تهيج الشوق لي

في كل زاوية نظرت رأيت من … آثارها ما خلفته لمقلتي

فإذا سهوت على ثغاء قطيعها … يشكو أساه بلوعة و تذلل

قد ودعته فما شفاه وداعها … من حرقة في صدره لم ترحل

ألقت بمسمعه ثمالة شدوها … فرنا بغرب دموعها المترسل

حففت لو ودعتها بعض الأسى … و مسحت بعض دموع قلب مثقل

و الدوح عصفره الخريف ورده … كالعاشق المتحرق المتذلل

نشر الأصيل عليه عمق سكونه … فمضى يحن لأغنيات البلبل

فكأنما الورقات مرآة له … تجلو اصفرار سمائه للمجتلي

أأروح و هو يظلني و حبيبتي … و أعوذ وحدي وهو غير مظللي

سعف النخيل سواك خان مودتي … و بقيت تحفظها لمن لا ينسلي

أشكو إليك أذى الفؤاد و إن تكن … لا ترجع الشكوى لصب مبتلى

تمضي الحبيبة و الزمان كلاهما … و أظل أندبها و تصغي أنت لي