تكريم كاتب – إبراهيم ناجي
يا صفوة الأحباب والخلانِ … عفواً إذا استعصى عليَّ بياني
الشعرُ ليس بمسعفٍ في ساعةٍ … هي فوق آي الحمدِ والكشرانِ
وأنا الذي قصّى الحياةَ معبراً … ومرجعاً لخوالج الوجدانِ
أقف العشية بالرفاق مقصراً … حيران قد عقد الجميل لساني
يا أيها الشعر الذي نطقت به … روحي وفاض كما يشاء جناني
يا سلوتي في الدهرِ يا قيثارتي … ما لي أراكِ حبيسةَ الألحانِ..
أين البيان وأين ما علمتني … أيام تنطلقين دون عنانِ
نجواك في الزمنِ العصيبِ مخدرٌ … نامت عليه يواقظُ الأشجانِ
والناسُ تسأل والهواجسُ جمةٌ … طبٌّ وشعرٌ كيف يتفقان؟
الشعرُ مرحمةُ النفوسِ وسرُّهُ … هبةُ السماءِ ومنحةُ الديانِ
والطبُّ مرحمةُ الجسومِ ونبعُه … من ذلك الفيض العلي الشانِ
ومن الغمامِ ومن معينٍ خلفَهُ … يجدان إلهاما ويستقيانِ
…
يا أيها الحب المطهر للقلوبِ … وغاسل الأرجاس والأدرانِ
ما أعظم النجوى الرفيعة كلما … يشدو بها روحان يحترقانِ
أنفا من الدنيا وفي جسديهما … ذلُّ السجين وقسوةُ السجانِ
فتطلعا نحو السماءِ وحلقا … صعدا إلى الآفاق يرتقيان
وتعانقا خلف الغمامِ واترعا … كأسيْهما من نشوةٍ وحنانِ
أكتبْ لوجه الفن لا تعدلْ بهِ … عرضَ الحياة ولا الحطام الفاني
واستلهمِ الأمَّ الطبيعةَ وحدَها … كم في الطبيعة من سري معاني
…
الشعرُ مملكةٌ وأنت أميرُها … ما حاجة الشعراء للتيجانِ
هومير أمَّره الزمان بنفسه … وقضت له الأجيال بالسلطانِ
اهبطْ على الأزهار وامسح جفنَها … واسكبْ نداكَ لظامئ صديانِ
في كل أيكٍ نفحةٌ وبكلِّ روضٍ … طاقةٌ من عاطر الريحانِ