تقاسيم – محمد القيسي

إلى كمال ناصر

لا تطلق العنان

لحزنك الجموح

فهذه الصحراء

لا ظلّ ، لا أنداء

لا عشب في السطوح

فهل تطيق شرب قهوة النسيان

يا أيهذا الورق الساقط من رزنامة النزوح

حمامة في الصدر ماتني تنوح

في سرّها لا تبوح

يا زهر الرمّان

لا ترتد النشيج

وخلّ في الكتمان

الوجع المكبوح ، لا الخليج

يسمع مرّة ولا المحيط

يردّ هذا السوط

قرنفل المساء ذابل ، وشجر الدّراق

يجفّ في الفراق

فمن ترى يعيد خضرة الأوراق

يا شجر الصفصاف

قالت حبيبتي : أخاف

أن تبعد الطريق ، أن نضلّ

فأومأت لحزنها الضفاف

وارتعش الليل

على قميصها الهفهاف

أيتّها الحمامة البحريّة

والزهرة البريّة

ماذا يقول النهر والأغنية

في الأسبوع الواحد

أفقد سبعة أيام كاملة وأدور

ما بين العتمة والنور

ما بين الحرّ اللافح والبرد القارس

يا سعف النخل اليابس

لا أعرف ما أنا واجد

ناديت يا كمال ، ياكمال

يا وجه أمي الفقيد بين الموت والإهمال

لمن تغني ” بئر زيت ” حزنها يا أيّها الرجال

طاردني ” المطوّعون ” في شوارع الدّمام

متّهما – كما يقال – بالكلام

واليقظة التي تشعّ مثل شمس الظهر

لأنّني كتبت في الجريدة

شيئا عن الصيّاد والطريدة

وعمّموا قرار وقف النشر

أيّتها الجريدة الصفراء

والحكم البليغة العرجاء

متى تهبّ النار فيك والسما تضاء

يا صباح التساؤلات الجريح

هل صحيح

أنّ رمل الجزيرة

قابل للحريق ؟

أنّ بيني وبين الزمان الصديق

خطوة ، أنّ وهج الظهيرة

ليس إلاّ ضريح ؟

ماذا يقول في الغياب

الوطن المضّرج القباب

والأهل والزيتون والتراب

هرولت المينة

الشجر المقصوف في الطريق

وهذه الزينة

تشعّ بالأسى العميق

ويهرج الأقواس والأعلام

يرسم في الدمام

أيقونة حزينة

شيّعت وحدي قامتي للبحر

( وقلت للنوارس التي تهيم في نسيم بعد العصر

من أين يأتي كلّ هذا القهر )

كالنجّم القطبيّ وحيد وبعيد

تشرّ بك رمال البيد

تنزف في عمّان ،

وتسقط عند مشارف صيدا

وضواحي بيروت

والعمر يفوت

يتّسع فضاء الربع الخالي

وطيور البحر تموت

وتطارد في الأرض العربيّة ،

ترسف في أغلال الروم

أفقك مغموم

دربك ملغوم

موتك معلوم

فليرفع الستار عن رواية العروبة

ولتكشف الأكذوبة

ولتكشف الأكذوبة