تظنّ مزارَ البدرِ عنها يعزني – عبدالجبار بن حمديس

تظنّ مزارَ البدرِ عنها يعزني … إذا غابَ لم يبعد على عين مُبصرِ

وبينَ رحيلي والايابِ لحاجها … من الدهر ما يُبْلِي رَتيمَة َ خنصر

ولا بُدّ من حملي على النفس خُطّة ً … تُعلّقُ وردي في اغترابي بمصدري

وتطرحني بالعزم من عير فترة ٍ … سفائنُ بيدٍ في سفائن أبحُرِ

وما هيَ إلا النفسُ تفني حياتَهَا … مُصَرَّفة ً في كلّ سعيٍ مُقَدَّر

أغرَّكِ تلويحٌ بجسمي وإنَّني … لكالسيف يعلو متنه غين جوهر

وما هيَ إلا لفحة ٌ من هواجرٍ … تخلّصَتْ منها كالنّضار المسجَّر

وأنكرتِ إلمام المشيب بلمتي … وأيّ صباحٍ في دجى غير مسفر

وما كان ذا حذرٍ غرابُ شبيبتي … فلمْ طار عن شخصي لشخص مُنفِّر

وأبقتْ صروفُ الدهرِ منّي بقيّة ً … مذكرة ً مثلَ الحسام المذكر

وما ضعضعتني للحوادثِ نكبة ٌ … ولا لان في أيدي الحوادث عُنصري

وحمراءَ لم تسمحْ بها نفس بائعٍ … لسومٍ ولم تظفرْ بها يد مشْتري

أقامتْ مع الأحقابِ حتى كأنَّها … خبيئة ُ كسرى أو دفينة ُ قيصر

فلم يبقَ منها غيرُ جزءٍ كأنهُ … تَوَهُّمُ معنى ً دقّ عن ذهن مُفكرِ

إذا قهقه الإبريق للكأس خِلتهُ … يرجّعُ صوتاً من عُقابٍ مُصرصرِ

وطاف بها غمرُ الوشاح كأنما … يقلّبُ في أجفانه طرفَ جؤذر

قصرتُ بكلٍّ كلَّ يومٍ لهوتُهُ … ومهما يطبْ يومٌ من العيش يقصرُ