تضلعتُ من شربِ رويٍّ بلا شُربِ – محيي الدين بن عربي
تضلعتُ من شربِ رويٍّ بلا شُربِ … كما أنني أشهى إلى القلبِ من قلبي
فإنَّ لمقلوبي جمالاً يخصه … أهيم به وجداً على البعد والقربِ
أبيتُ أناجيه بنومي ممثلاً … وإني إذا استيقظتُ عدتُ إلى صحبي
فإنْ كان عن بَيْنٍ فشوقٌ مجدَّدٌ … وإنْ كانَ عنْ وصلٍ فحسبي إذاً حسبي
فإنْ جادَ بالتمثيلِ في حالِ يقظتي … فذلك أحلى لي من الموردِ العذبِ
إذا ما رأيتُ الدارَ أهوى دخولَها … ولكنْ على الأبوابِ أردية ٌ الحجبِ
ومن خلفها البوّابُ يسمع وطأتي … فيغفلُ عني للذي بي منْ عجبِ
كعتبة يزهو بالعبودة عندما … تحققَ فيها منْ مساكنة ِ القربِ
هيَ الأمُّ سماها ذلولاً لخلقِهِ … وقد أعرضت عني كإعراض ذي ذنب
حياءً وأعطتنا مناكبَ نظمِها … فنمشي بها عنْ أمرِ خالقها الربُّ
إذا كان حالُ الأمِّ هذا فإنني … لأولى به منها إلى انقضا نحبي
تمنيتُ منه أنْ أكونَ بحالها … مع الله في عيشٍ هنيء بلا كَرْب
فياتي وجودي للدعاوى بصورة ٍ … تنزله مني كمنزلة ِ الربِّ
وهيهاتِ أينَ الحقُّ من حالِ خلقه … بذا جاءَتِ الأرسالُ منهُ معَ الكتبِ
لقد أوردتْ نفسي حديثاً مُعنعناً … عن الرُّوحِ عن سري عنِ الله عنِ قلبي
بأنَّ وجودي عينه وهويتي … هويته فاركبْ على مركبٍ صَعب
فلمْ يبقَ فينا مفصلٌ فيه قوة ٌ … أشاهدها إلا وعينها ربي
فكيف لنا منهُ وقد صحَّ مخلصٌ … ويعتبني وقتاً فأعجبُ من عتبي
وإنَّ لهُ إنْ حدَّثَ المرءُ نفسه … دليلاً له فيما ذكرتُ من العُتْبِ
ألا إنني عبدٌ لمن أنا ربُّه … قضى بالذي قدْ قلتُه في الهوى حبي