تروحْ منَ الحسناء أمْ أنتَ مغتدي، – حسان بن ثابت

تروحْ منَ الحسناء أمْ أنتَ مغتدي، … وكيفّ انطلاقُ عاشقٍ لمْ يزودِ

تَرَاءتْ لَنا يَوْمَ الرَّحيلِ بمُقْلَتيْ … غَرِيرٍ بمُلْتَفٍّ مِن السِّدْرِ مُفْرَدِ

وجيدٍ كجيدِ الرثمِ صافٍ، يزينهُ … توقدُ ياقوتٍ، وفصلُ زبرجدِ

كأنَّ الثُّرَيّا فَوْقَ ثُغْرَة ِ نَحْرِها … توقدُ، في الظلماءِ، أيَّ توقدِ

لها حائطانِ المَوتُ أسْفَلَ مِنْهُما … وجمعٌ متى يصرخْ بيثربَ يصعدِ

لعَمْري لَقدْ حالَفْتُ ذُبْيانَ كُلَّها … وعبساً على ما في الأديمِ الممددِ

وأقبلتُ منْ أرضِ الحجازِ بحلبة ٍ … تَغُمُّ الفَضاءَ كالقَطا المُتَبَدِّدِ

تحملتُ ما كانتْ مزينة ُ تشتكي … منَ الظلمِ في الأحلافِ حملَ التغمدِ

أرَى كثْرَة َ المَعْرُوفِ يورِثُ أهْلَهُ … وسَوَّدَ عَصْرُ السَّوْءِ غَيْرَ المُسَوَّدِ

إذا المرءُ لمْ يفضلْ، ولم يلقَ نجدة ً … معَ القَومِ فَلْيَقْعُدْ بِصُغْرٍ ويَبعَدِ

وإنّي لأغْنى النّاسِ عَنْ مُتكلِّفٍ … يَرَى النّاسَ ضُلاَّلاً وليس بمُهْتدي

كَثِيرِ المُنى بالزَّاد، لا خَيْرَ عِندَهُ … إذا جاعَ يوماً يَشْتَكِيهِ ضُحى الغدِ

نشا غمراً، بوراً، شقياً، ملعناً، … ألَدَّ كأنَّ رأسَهُ رأسُ أصْيَدِ