ترحَّل من هوِيتُ وكلُّ شمسٍ – ابن الرومي

ترحَّل من هوِيتُ وكلُّ شمسٍ … ستكْسِفُ أو ستغرب حين تُمسي

وما ألهاك عن ذكرى حبيبٍ … كعدِّك أمسَ يومٍ بعد أمسِ

رأيتُ الدهر يجرح ثم يأسو … يؤسِّي أو يعوض أو ينسِّي

أبت نفسي الهُلاعَ لرزء شيءٍ … كفى شجواً لنفسي رزءُ نفسي

أَتهلعُ وحشة ً لفراقِ إلفٍ … وقد وطنتُها لحلول رَمْس

سأتخذ الزَّماعَ خليل صدقٍ … يرادفني على وجناءَ عَنس

إلى ملك يَهشُّ إلى المعالي … ولا يبتاع مكرمة ً ببخس

أبى أيوبَقرم بني زُريقٍ … وكل قبيلة تسمو برأسِ

بَدا فبدت مَخايلُ من كريمٍ … طويل الباع أروعَ غير نكسِ

كأن عَجاج موكبه تجلَّى … هناك بوجهه عن قَرنِ شمس

يحفُّ بشخصه من أقربِيه … غيوثُ مَفاقرٍوليوثُ بأس

مَرَوا دِرَرَ الحروب دماًوقاسوا … من الهيجاء ضِرساً بعد ضرس

فما نيلتْ أنوفهُمُ بذمٍّ … ولا رِيمت رؤوسهُمُ بعَكس

تراهم في النَّدِيّ إذا نَدَوه … كأن حلومهم هضباتُ حَرس

وإن لاقيتَهم في يوم روعٍ … لقيت الجن في أشباح إنس

هُم الجبل الذي لو زال يوماً … لأضحى الملكُ لا يُرسيه مُرْسي

ألم يَرني الأميرُ حبستُ شعري … عليهولم أُذِله بمدح جِبس

ولم أكُ شارباً إلا بعذبٍ … وإن أُعطِشتُ خمساً بعد خمس

فَداه معاشرٌ نكبت عنهمْ … وما أفديه بالعرَض الأَخس

إذا امتُدِحوا وإن لم يُستثابوا … حسبتَ وجوهَهم طُليت بوَرْس

وما جَربتُهم إلاّ بغيري … وما استخشنتُ جانبهم بلمسي

إليه بعثتها ترمي بشخصي … ولم أكُ قبل ذاك لها بحِلس

على ثقة ٍ بأن لها لديه … مُناخاً بالسعادة غير شأس

وأن سَيريش ما أَبريه منها … بشحم مثل هُدَّاب الدِّمقس

وكان إذا عَراه الحق أعطى … بخمسٍ من أنامله وخمس

عطايا بين بشرٍ واعتذارٍ … وليست بين إذلالٍ وعبس

أهابت بالرجاء لُهَى يديه … إليَّإليَّلات أوانَ يأسِ

لَعَمْرُ محامدٍ حُمِلت إليه … لمَا بيعت بضائعُها بوكْس

جعلتُ على ملوك الأرض طُراً … مجازَ مطيتيوعليه حَبْسي