بُكاءٌ وَقَلَّ غَناءُ البُكاءِ – كشاجم

بُكاءٌ وَقَلَّ غَناءُ البُكاءِ … على رُزْءِ ذُرِّيَّة ِ الأْنبياءِ

لَئِنْ ذَلَّ فيه عزيزُ الدُّمُوعِ … لَقَدْ عَزَّ فيهِ ذَليلُ العَزاءِ

اَعاذِلَتي إنَّ بُرْدَ التُّقَى … كَسانِية ِ حُبَّي لأهلِ الكِساءِ

سَفينَة ُ نُوحٍ فَمَنْ يَعْتَلِقْ … بِحُبِّهمُ يَعتَلِقْ بالنَّجَاءِ

لَعَمْرِي لقدْ ضلَّ رأيُ الهوى … بأفئِدة ِ مَنْ هواها هَوائي

وأوصَى النَّبِيُّ ولكِنْ غَدَتْ … وَصاياهُ مُنبَذة ً بالعَراءِ

وَمِنْ قَبْلِها اَمَرَ الميِّتوُنَ … بِرَدِّ الأُمورِ إلى الأَوْصياءِ

ولَمْ نَنْشُرِ القَوْمُ غلَّ الصُّدو … رِ حَتَّى طَواه الرَّدَى في رداءِ

وَلَوْ سَلَّمُوا لإمامِ الهُدَى … لقوبِلَ مُعْوجُّهمْ باستواءِ

هِلالٌ إلى الرُّشْدِ عالي الضيَّا … كما يَتَدَفقُّ يُنبوعُ ماءِ

علومُ سماويَّة ٌ لاَتُنالُ … ومن ذا يَنالُ نجومَ السماءِ

لَعَمْري الأُلى جَحَدُوا حَقَّهُ … وما كانَ أولاهُمُ بالوَلاءِ

وكمْ موقفٍ كانَ شخصُ الحِمَامِ … منَ الخوفِ فيهِ قليلَ الخفاءِ

جَلاهُ فإنْ أَنْكَروُا فَضْلَهُ … فَقَدْ عَرَفَتْ ذاكَ شَمسُ الضحاءِ

أراها العجاجَ قبيلَ الصباحِ … وَرَدَّت عليه بُعَيْدَ المساءِ

وإنْ وَتَرَ القومُ في بدرهِمْ … لَقَد نَقَضَ القومُ في كَربَلاءِ

مَطايا الخَطَايا خِدِي في الظلامِ … فَمَا هَمَّ إبليسَ غَيرُ الحِدَاءِ

لقدْ هَتَكَتْ حُرَمَ المصطَفَى … وحلَّ بهنَّ عظيمُ البلاءِ

وسَاقُوا رِجالَهُمُ كالعبِيدِ … وحَاذُوا نِساءَهُمُ كالإماءِ

فَلَوْ كانَ جَدُهُمُ شاهِداً … لَتبعَ أظعَانَهُمْ بالبُكاءِ

حُقُودٌ تضرّمُ بدريَّة ٌ … وداءُ الحقودِ عزيزُ الدواءِ

تراهُ معَ الموتِ تحتَ اللوا … ء والله والنصْرُ فوقَ اللواءِ

… وقدْ عَاثَ فيهم هِزْبرُ اللقاءِ

وكمْ أنفسٍ في سعيرٍ هَوَتْ … وَهامٍ مُطيّرة ٍ في الهواءِ

بضربٍ كما أنقدَّ جَيْبُ القميصِ … وَطَعْنٍ كَمَا انحلَّ عَقْدُ السِّقَاءِ

وخيرة ِ رَبَّي من الخيرَتيْنِ … وَصفوُة رَبَّي من الأصفياءِ

طَهُرْتُمْ فكْنْتُمْ مديحَ المديحِ … وكانَ سواكُمْ هِجاءَ الهجاءِ

قضيتُ بحبّكُمُ مَا علَيَّ … إذا ما دُعيتُ لِفَضلِ القضاءِ

وايقَنْتُ أنَّ ذُنُوِبي بِهِ … تَسَاقَطُ عنِّي سقوطَ الهباءِ

فصلَّى عليكُمْ إلهُ الوَرَى … صلاة ً تُوازِي نجومَ السماءِ