بينَ النقا ولعلعِ – محيي الدين بن عربي

بينَ النقا ولعلعِ … ظِباءُ ذاتِ الأجرعِ

تَرعَى بها في خَمَرٍ … خَمَائِلاً وَتَرْتَعي

ما طَلَعَتْ أهِلّة ٌ … بِأُفقِ ذَاكَ المَطلَعِ

إلاَّ ودِدْتُ أنَّها … منْ حذرٍ لمْ تطلعِ

ولا بَدَتْ لامعة ٌ … من بَرْقِ ذاكَ اليَرمَعِ

إلاَّ اشتهيتُ أنَّها … لما بنا لمْ تلمعِ

يا دَمْعَتي فانسكبي، … يا مُقلتي لا تُقلِعي

يا زَفرَتي خُذْ صُعُداً، … يا كبدي تصدَّعي

وأنتَ يا حاديَ اتئد، … فالنّارُ بينَ أضلُعي

قد فَنِيتَ ممّا جرَى … خوْفَ الفِرَاقِ أدمُعي

حتّى إذا حَلّ النّوَى … لم تَلقَ عيناً تَدمعِ

فارحَل إلى وادي اللّوَى ، … مرتعهم ومصرعي

إنَّ بهِ أحبتي … عند ياهِ الأجرعِ

ونادِهم: مَن لِفتًى … ذي لوعَة ٍ مُودِّعِ

رَمَتْ بِهِ أشجانُهُ … بَهماءَ رسمٍ بَلقَعِ

يا قمراً تحتَ دجى ً … خُذْ منهُ شيئاً ودَعِ

وَزَوّديهِ نَظْرَة ً … من خلْفِ ذاكَ البُرقُعِ

لأنَّهُ يضعفُ عنْ … دركِ الجمالِ الأروعِ

أوْ عَلّلِيهِ بالمُنى … عَساه يَحيَا ويَعِي

ما هُوَ إلاّ مَيّتٌ … بينَ النَّقا ولعلعِ

فَمُتُّ يَأْساً وأسًى … كما أنا في موضعي

ما صدقتْ ريحُ الصَّبا … حينَ أتتْ بالخدعِ

قدْ تكذبُ الريحُ إذا … تُسمِعُ ما لم تَسمَعِ

كلمات: تراث

ألحان: تراث