بدت كالبدر تكبر أن تراما – ابن شهاب

بدت كالبدر تكبر أن تراما … وتسمو أن تسام وأن تسامى

وتاهت بالجمال على الغواني … فهمن بها كما همنا غراما

ولو لم يقتبسن الدال منها … لما صَبٌّ بهن صبا وهاما

محجبة حماها الحسن عما … به عشاقها تخشى الملاما

بريا عرفها النسمات تسري … وتحمله إذا غدت النعامى

تحيل الترب إن وطئته مسكاً … تمنّاه الرحيق له ختاما

بروحي إذ بدت في الحان فضلاً … وقد حسرت عن الوجه اللثاما

تصدّ تقية ً عني وترنو … مخالسة وتبدي لي ابتساما

تسائل تربها وتقول من ذا … يعاطينا الطلا جاماً فجاما

فإن له مفاكهة وروحاً … تخف علي من بين الندامى

فقلن لداتها يا هند غفراً … أمثلك تجهلين له مقاما

لقد برح الخفاء أليس هذا … صريع هواك ما بلغ الفطاما

أذاب الشوق مهجته فأضحى … يسوم لنفسه الموت الزؤاما

فما أولاه منك بطيب وصل … يتم به له ولك المداما

فإن له إلى الفضل انتماء … ومن عبد الحميد له ذماما

أمير المؤمنين أجل غازٍ … بقائم سيفه الدين استقاما

خليفة عصرنا المرضي فينا … لدنيانا وللدين الإماما

هو الطرد المنيع المرتقي في … حماه الجار يأمن أن يضاما

قرين عرائس المجد اللواتي … سمت إلا له عن أن تراما

به تزهو المنابر حين تتلى … شمائله وتهتز احتراما

شأى ما شاء في العلياء حتى … على هام السهى ضرب الخياما

وارعف سيف نقمته إلى أن … تبوأ من ذرى المجد السناما

يقود الخيل عادية عراباً … تثير النقع تحسبه ركاما

فتهوى كالبزاة العصم كراً … سنابكها الخوافي والقداما

عليها من ذوي عثمان غر … يرون تجشم الهول اغتناما

إذا وردت بهم دأماء حرب … شهدت لهم بلجته اقتحاما

ولم يصدرن عن مثوى عدو … وفيه سوى اليتامى والأيامى

تؤمل من جلالته وتخشى … ملوك الأرض صفحاً وانتقاما

إذا اشتعلت سعير وغى عليهم … رأيت لهم برايته اعتصاما

ولم يعبأ بهم لولا ولولا … فسوف يكون إن جحدوا لزاما

وإذا ما استنفر الآساد يوماً … بدعوة دينه يمناً وشاما

ليوجف نحوه من كل صقع … خميساً تحت طاعته لهاما

مليك تعجز الأيام عن أن … تجئ بمثله بطلاً هماما

براه الله في المسكون عضباً … على الباغي إذا بحماه حاما

فصان مشاعر الأديان بيت … المقدس والمدينة والحراما

بسيط الأرض في يده فيحي … ويورد من يشاء به الحماما

وما من مركز إلا وجدنا … شيات من علاه به وشاما

نداه الغيث لكن ليت شعري … أيستويان ذا ذهب وذاما

ومهما حل في فلك علي … من الشرف استقل به المقاما

ولم يرفع مناراً منه إلا … بأعلاه منه كان له اهتماما

سمى في العز عن آباء صدق … وكان لكل منقبة عصاما

ولم نعرف له إلاَّ اشتراء … الفخار بباهظ الأثمان ذاما

أمير المؤمنين انعم صباحاً … ودمت تقي من الدهر الكراما

فأنت العروة الوثقى ولسنا … نرى للعروة الوثقى انفصاما

أتيت إليك من بلد بعيد … لأقرئك التحية والسلاما

وأقضي حق بيعتك التي من … تخلف دونها يلق آثاما

ولم تكمل لمن لم يعتنقها … ديانته وإن صلى وصاما

وقابل بالقبول مهاة خدر … حياء منك تعثر واحتشاما

تمد أكف معذرة وعجز … عن استقصائها المدح التماما

وكيف بحصر مالك من فخار … ولو حاولته خمسين عاما

فإنك زينة الدنيا جميعاً … ونشر ثناك قد زان النظاما