النهر يتلو الكتب – محمد القيسي

كان في نعمان يعنّي ويجوس الأفق عشرون جوادا

وثلاثون نشيدا جامعيّا ،

وطريق عابس

يهتف :

يا نعمة نعمان أعدّة الآن أثلامك

عشرين جوادا ، وثلاثين نشيدا جامعيّا ودواة

وليكن صدرك ممدودا

ودودا

أمض مشّط شعري

مواعيدك حانت ..

هكذا نعمة – مالت جانبا والرمح في خاصرة الوادي

أجابت

فانثنى نعمان كالظبيّ هتافا

ومضت عيناه ،

وامتدّ ، استطال الظلّ

قال الوصل في الفصل

ولم يهدأ

ولم يبدأ صدى

قال الفراق الآن في أوج العناق

المركب الرجراج ، والبحر الأجاج ..

اليوم عشرون جوادا

وثلاثون نشيدا جامعيّا وصلاة

كان من يقرع في الليل الجرس

عبرت روحي المروج

فإذا الريح حرس

فإلى أين ، إلى أين يلوج ؟

طوّقتني النار من كلّ البروج ..

بدأ الرحلة في حقل الأجاص

كتبت يسراه فوق اللوح بالطبشور ..

آيات بديات الخلاص

قفزت أمي إلى يقظتها ،

هزّت جذوع الطلبة

فمضى النهر إلى الشارع يتلو كتبه

وإذا بالشرطة المرتعبه

نقرت عصفورة خضراء عنقود العنب

فالتهب ..

ركضت مهرة حلمي في ضلوع الجامعة

فإذا بالقارعة ..

آه من نعمة لا تأتي ،

ولا يأتي إليّ النهر في هذا النهار

هل تخيط الآن تنورتها حالمة

بالنهر والأقراط والعمر الرضيّ

أعطني شعرك يا لوركا لهذا العرس فالحزن شجي

ولنمل نحو انعطاف الشارع الآخر حتى يعبر الحرّاس

هل نشرب كأسين من البيرة في صحة هذا السوسن

المطعون ، هل نمضي إلى كلية الآداب في هذا

النشيد الانتحاريّ ، ونهوي نجمتين ..

ما لهذا الدفتر الغامض لا يوضح ، لا يشرح أفق

الحجل الخافق ، فالليل صهيل أزرق الريح ،

يتيم الأبوين ،

آه من هذي الفرس

أيقظت صدر البراري

فإذا البيت محاط بالحرس ..

هل أنادي يومك الغارق في الهمّ ..

يدي بوصلة الدمّ ،

إلى وجهك ..

هذا الراجف

الراعف

والعاصف ،

قولي ..

ما لهذا القفر يحتلّ كروم اللوز ،

ما للغابة الآن زفاف ونصال ؟

هذه باقة ورد ، وأكاليل اشتعال

سأسوّي الآن أوراقي وأغفو

في انتظار البرتقال

نازفا متّهما بالعشب والوجد ،

وفيّاضا بنيرانك حتى الصمت والموت أرود المهرجان

آه يا لوركا ..

لهذا القصب الناحل في الوديان أمشي

ولحزن السنديان

فأعرني من دجى غرناطة الساجي

ومن ليل أغانيك اليتيمات كمان

لأغنّي لمناديل مساء كستنائيّ على الباب ..

تناديني تعال

ناصعا من جهة الزيتون

يأتي الألم الأسود يا حبّي رداء

ينبغي أن أستعيد الآن نهرا يتلوّى في الحقول

وأقول :

ضدّ هذا القمر الخدّاع قلبي

ضدّ هذي الغابة السوداء ، ضدّ النصل ،

ضدّ الحبل ، ضدّ الليل ،

يطوي حسرات الفقراء

ضدّ أن تعتقل الأزهار والغزلان ،

أو تحرم ظلّ الصحراء

ضدّ أن يبكي طفل ، أو أبّ كهل ،

وأن يقضي على نعمة بالوحدة في هذا العراء

ضدّ خوف الشعراء ..

هكذا قدّم نعمان الفتى الريفيّ أوراق اعتماد الليلك الدامي

وأدلى باعتراف القلب منحازا إلى نعمة ، لم يلجأ إلى رمز ولم

يهرب إلى أيّ ضفاف

وأضاف :

يا بروقي المقبلة

جسدي في سنبلة

وثماري للقطاف

فأعدّي من جديد

لزفاف وزفاف وزفاف …