المحطَّة الأخيرة – عدنان الصائغ

المحطّاتُ فارغةٌ

والقطاراتُ قد رحلتْ، هكذا

بعد منتصفِ الليلِ

مثقلةً بالحنينِ المُبلَّلِ..

وانْطَفَأَتْ قُبلاتُ المحبّين،

والعرباتُ الثقيلةُ…،

والكلمات

ولمْ يبقَ في البارِ إلّايّ

إلّاكِ… في حَبَبِ الكأسِ، طافيةً

كدُخانِ القطاراتِ بعد الرحيل

ووحدي مع الحارسِ المتلفّعِ بالبردِ… دونَ قصيدة

ووحدكِ كنتِ بلا موعدٍ

تلوّحُ كفّاكِ للوهمِ،

للطُرُقاتِ البخيلةِ،

للعابرينْ

ما الذي – ياوحيدةُ – تنتظرينْ

والقطاراتُ مرَّتْ تعربدُ…

لا شيءَ غير الضبابِ، ووَجْهي

ومرَّ المحبّون – تحتَ نوافذِ غرفتكِ الموصودةْ

وما تركوا غيرَ أزهارِهمْ، ذابلةْ

… وقصاصاتِ شِعرٍ بها تَحْلُمينْ

وها أنتِ – وحدكِ – فوق رصيفِ الحنينْ

تقهقهُ خلفَ خطاكِ…

رياحُ السنينْ

زرعتِ على كلِّ دربٍ.. هواكِ

انتظاراً حزينْ

ولمْ يأتِ فارسكِ الحُلْو…

لمْ يلتفتْ أحدٌ للرُموشِ البليلةِ

ما لوّحتْ – من خلالِ الزجاجِ المضبَّبِ – كفٌّ إليكِ

فَلِمَنْ كنتِ واقفةً…

في الرصيفِ المقابلِ حُزني..؟

ووَجْهُكِ هذا الوحيدُ، الحزينُ، يطاردني

في المقاهي القديمةِ،

… والطُرُقاتْ

ويتركني حائراً كالقصيدةِ

أبحثُ عن أيِّ بارٍ بحجم حنيني

المحطّاتُ قد أقفرتْ

… رُبَّما لا يعودُ القطار

وتبقين والريحَ…

والساعةَ الواحدةْ

وماذا بليلِ المدينةِ..

غيرُ نباحِ الكلابِ..

وصافرةِ الحارسِ الكهلِ..

والريحِ..

والعائدين من البارِ مثلي

بلا شِقَّةٍ أو صديقةْ

الواحدة بعد منتصف الليل 26/12/1982 الفلوجة