القادم – عدنان الصائغ

إلى ولدي.. مهند

.

.

.

سوفَ تجيءُ.. كما الحب

مِنْ رحمِ الظلمةِ

تصرخُ في وَجْهِ العالمِ

مذهولاً.. مأخوذاً.. بالأشياءِ الأولى

وَجْهِ القابلةِ المأذونةِ

أحلامِ أبيكَ

الكتبِ المرصوفةِ.. كاللعنة

وأغاني أمِّكَ – في الليلِ – على إيقاعِ المهدْ

نافذةِ الغرفةِ.. حيثُ القدّاحُ يعرّشُ فوق القضبانْ

وحيثُ عصافيرُ القريةِ.. تأتي أسراباً

تَنقُرُ شُبّاكَكَ قبلَ مجيءِ الشمسِ

وتدعوكَ… إلى اللعبِ

وأنا……

في مكتبتي

أرقبُ خطوتَك الأولى… مسروراً

تسقطُ..

تزحفُ فوقَ الأرضِ

وتبكي..

وتُمزِّقُ أوراقي..

وتبعثرُ حولَكَ كلَّ الأشياءْ

وستَكْبَرُ..

تَكْبُرُ أحزانُكَ

تَكْبُرُ أفراحُكَ

يَكْبُرُ.. هذا العالمُ في عينيكَ

فتسألني.. عن أشياءٍ

لمْ تخطرْ في بالي.. من قبل

عن صورٍ.. لمْ أُبْصِرْها

عن مدنٍ.. ما وطئَتها أقدامُ أبيك

وتروحُ تُحدِّثني..

عمَّا قالتهُ معلّمةُ الروضةِ

حيث رفعتَ العلمَ {السامقَ}

– في الساحةِ –

قدّامَ الطلّابِ

وحين قرأتَ أناشيدَكَ

مزهوّاً.. فَرِحاً.. – في الصفِّ

وحين رسمتَ على السَبُّورةِ

بالطَبْشُورِ الأبيضِ.. والقلب

خارطةَ الوطنِ.. الغافي بين العينين

النابضِ بين الأضلاعِ

.. الصاعدِ نحوَ الشمس

سوفَ تجيءُ

ويشيخُ أبوكَ الشاعرُ عدنان الصائغ

لكنِّي……

حينَ أرى أشعاري

تتوهّجُ – كالقنديلِ – بعينيكَ الواعدتين

… وتَكْبُرُ كالأشجارِ

أولدُ ثانيةً……

9/3/1983