الشروع في قصيدة الضدّ تحت اسم أهجية إلى صاحبي – محمد القيسي

صاحبي لم يعد صاحبي

باعني في الجريدة يوم الأحد

باعني وابتعد

بيننا أنّنا وحّد الفقر بين مراكبنا

وحّد الباب والنافذة

وحّد اللون والكلمات

وحّد أصفادنا والخطى

ووهبنا من العشب ما أبهج الروح يوما ،

وكان لنا غرفة نصطفيها

ومقهى وأرصفة حانية

ما الذي أذبل الدالية

ودعى صاحبي للقطاف المحرّم ،

حتى أتاه اليباس

باكرا ..؟

صاحبي باعني في المزاد

باعني واستزاد

من رآنا قرنفلة ،

من رآنا سراج

من رأى الحقل والقمح والقبّرة

مطفأ صاحبي دون ظل ،

أرى صدره مقبرة

سقطت قشرة الشجرة

وبدا عاريا فأسفت

وعرفت

أنه باع أقراط عمّته ، وطفولته في البلد

وطريق الكروم ،

وأرغول نعمان راعي البلد

باع أحجار ، أشجار ، أسرار نبع البلد

وتراب البلد

وأغاني البلد

عندما باعني ،

في الجريدة ،

يوم الأحد

لم يكن أوّل العابرين إلى جثّة ،

لم يكن آخر الخاسرين ولا أوّلهم

فهنالك مثلا :

ولد ضالع في السقوط

كان في جبينه فاكهة

فتنازل عنها

وضيّع سرواله راضيا

وسلّمها حينما استقبلوه على دفعتين

سلّم الفاكهة

وغدا بين بين

ثم عاد ينظّر للفرح الواقعيّ

وهو ما زال حيّ

ويشيد بسيرة من عطسوا مرة ،

في أقاصي البلد

هكذا يلتقي صاحبي والولد

لم يكن أوّل العابرين إلى جثّة ،

لم يكن آخر الخاسرين ولا أوّلهم

كان يعرف خطوته جيدا

وهو يحصي علاماته الرابحة :

أولا : ………….

ثانيا : ………….

ثالثا : …………

وله وجه الوطنيّ

إنّه صاحبي

من ترى يلبس الآن هذا القميص ،

ويشعل سيجاره بيننا

أو يعبىء غليونه في أناة وخفّة يد

يقتل الوقت ، يجمع ما يتناثر في ضجر

الأربعاء ،

وفوضى الأحد

أترى لا أحد ؟

لا أحد ؟

لا أحد

فلتدم هذه الرائحة

وليعدّد إذن صاحبي في هدوء ،

علاماته الرابحة