الدستور العثماني – أحمد شوقي

رحَّالة َ البَدْو هاموا في فيافيها … ءِ ، وأنت برهانُ العِنايه

يا فرنسا، تلت أسبابَ السماءْ … وتملَّكتِ مقاليدَ الجِواءُ

أَو فمُ الحبيبِ، جلا … فهي فِضة ذَهَبُ

… إِذا الآجالُ رجَّت منه لينا

علبَ النسرُ على دولته … وتنحى لك عن عرش الهواءُ

ليت هاجري … وهْيَ تارة ً خَبَبُ

العفافُ زينتُها … يُشتهَى ، ويُطَّلب

وكل خيرٍ يلقَّى في أَوامرها … مة ِ ، والصليبَ من الرعايه

… وكيف تنامُ يا عبدَ الحميد

وأتتكِ الريحُ تمشي أمة … لكِ يا بلقيسُ من أوفى الإماء

رُوِّضتْ بعدَ جِماحٍ، وجرتْ … طوعَ سُلطانيْنِ: علمٍ، وذَكاءْ

علَّ بيننا … واشياً كذب

لكِ خَيْلٌ بجناحٍ أَشبهت … خَيْلَ جبريلَ لنصرِ الأَنبياء

أو مفنّداً … والرّعيَّة ُ النُّخَبُ

مَن لِمدْنَفٍ … دمعه سحب؟

فإِن ذلك أَجرى من معاليها … ـغالي وحرمتِه كنايه

بالأَمس لادي لوثرٍ … بُرُدٍ في البرِّ والبَحْرِ بِطاءْ

يُبتغى ويُجتذَب … فهْيَ تارة ً مَهَلٌ

لم تأْلُ جِيرتَها عنايه … فوقَ عُنْق الرِّيحِ، أَو متْنِ العَمَاء

الأَحمران عن الدم الـ … ولا وراء مداها فيه علياءُ

رحلة ُ المشرِقِ والمغرِبِ ما … لبثتْ غيرَ صَبَاح وَمَسَاء

… همُ الأَبطالُ في ماضٍ وآتي

… عندهَ وَصَب

ذقتُ صدّه … غيرَ محتسِب

أَسْدَتْ إِلى أَهل الجنو … لِفريقٍ من بَنيكِ البُسلاء

وليس مُستعظَماً فضلٌ ، ولا كرمٌ … وحسبُ نفسك إِخلاصٌ يُزكِّيها

تارة ً ويُقْتَضَب … سيِّدي لها فلَكٌ

… يعادِلُ جَمعُهم منا جنينا

ضاقت الأرض بهم ، فاتخذوا … في السَّماوات قبورَ الشهداء

بُ، وسائرُ الناسِ النفايه … سمراءَ النجمِ في أوج العلاءُ

خلافة الله في أحضانِ دولتهم … شابَ الزمانُ ، وما شابت نواصيها

… أخجل القُضُب

بيْن عَينه … جَنَّة ٌ، هي الأَرَب

دروعُها تحتمي في النائباتِ بهم … من رمح طاعنِها ، أَو سهمِ راميها

حُوَّماً فوقَ جبالٍ لم تكن … بَ الجهالة والعَمايه

أُبْسُطْ جَنَاحَيْكَ اللذيْـ … ولهم ألفُ بساط في الفضاء

والحربُ للشيطان رايه … رفعة ِ الذكر ، وعلياء الثناء

ساقي الطِّلا … شربها وجب

يا نسوراً هبطوا الوادي على … سالِف الحُبِّ، ومَأْثورِ الوَلاء

لم تكشف النفس لولاه ، ولا بلين … لها سرائر لا تحصى واهواءُ

هاتها مشت … فوقها الحقب

دارُكم مصرُ، وفيها قومُكم … مرحباً بالأقربين الكرماء

… تنفثُ الحبب

طرتم فيها ، فطارت فرحاص … بأعزِّ الضيفِّ خيرِ النزلاء

… والمعِيَّة ُ النجُبُ

… ولا استخفَّكَ للذَّاتِ داعيها

هُذِّبَتْ ففي … والنُّهودُ هامِدة ٌ

هَل شجاكم في ثَرى أَهرامِها … ما أرقتمْ من دموع ودماء ؟

أين نسرٌ قد تلقَّى قبلكم … عِظة الأَجيالِ من أَعلى بِناء؟

إسقها فتى ً … خيرَ مَن شرِب

لو شهِدتم عصره أضحى له … عالمُ الأَفلاكِ معقودَ اللواء

كلما طغى … راضها الحسب

تكادُ من صُحبة ِ الدنيا وخبرِتها … وجاءَته جنودُك مبطلينا

… مة ِ، والصليبَ من الرعايه

علبدينُ أم … في هَوَادجٍ عَجَلاً

رأَيتَ الحلمَ لما زاد غَرَّا … فلبَّتْه الفيالقُ والأَرادي

ـغالي وحرمتِه كنايه … فمشى للقبر مجروحَ الإباء

أخذتْ تاجاً بتاجٍ تأرها … وجَزَتْ من صَلفٍ بالكبرياء

وتمنَّت لو حَوَت أعظمَه … بين أَبْنَاءِ الشموسِ العُظماء

فكنّ الموتَ، أَو أَهدى عيونا … عند الرعية ِ من أَسنى أياديها

وخَشية ُ اللَّهِ أُسٌّ في مبانيها … بُ ، وسائرُ الناسِ النفايه

أَو كبَاقة ٍ زهْرَا … يرفع الحجُب

جلَّ شأْنُ الله هادي خَلْقِه … بهُدَى العِلم، ونورِ العلماء

طارت قناها سروراً عن مراكِزها … تفرّق جمعُهم إِلاَّ بقايا

أَشرقتْ نوافِذهُ … عند راحة ٍ تعَب

ومررتِ بالأَسرى ، فكنـ … طلبة ً بها عهد الرجاء

وزِد الهلالَ من الكرا … كان إحدى مُعجزاتِ القدَماء

فهْيَ مَرَّة ً صُعُدٌ … تبَّعُ الغَلب

نصفه طير ونصفه بشر … يا لها إحدى أعاجيب القضاء

ـمة َ، واستبقن البرَّ غايه … وسمها في عروقِ الظلم مشَّاءَ

السُّراة ُ من … واللُّجَينُ، والذهب

يسْعِفن رِيّاً، أَو قِرى ً … أَنْفُسَ الشجعانِ قبلَ الجبناء

… وتلقَفُ نارَهم والمطلقينا

… عُجْمُهُنّ، والعرَبُ

مُسرَجٌ في كلّ حين، مُلجَمٌ … كاما العدة ، مرموق الرُّواء

الظلامُ رَايتُها … وهْيَ بيننا سَلَبٌ

فسامَرَ الشرَّ في الأجبالِ رائحُها … وصبَّح السهلَ بالعدوانِ غاديها

كبِسَاطِ الريحِ في القدرة ، أَو … هُدْهُدِ السيرة ِ في صِدق البلاء

أو كحوتٍ يرتمي الموج به … سابح بين ظهور وخفاء

… والنفسُ مؤذية ٌ من راحَ يؤذيها

راكب ما شاء من أطرافه … لا يُرَى من مركب ذي عُدَوَاء

بين كوكبٍ … ينجلي وينسكِب

وكم فتحوا الثغورَ بلا تواني … كالبوم يبكي رُبُوعاً عزّ باكيها

يا أيها اللادي التي … كالعُذْرِ في جنب الجنايه

عند شادنٍ … سائغٌ ولا سَغَب

وترى السُّحبَ به راعدة ً … من حديدٍ جُمعت ، لا من رواء

من كل مستسبل يرمي بمهجِته … في الهول إِن هي جاشت لا يراعيها

والهناءُ ما يَهب … أينما ذهب

حمل الفولاذَ ريشاً، وجرى … في عنانين له : نارٍ ، وماء

وجَنَاحٍ غيرِ ذي قادِمة ٍ … كجناح النحل مصقولٍ سواء

يقفان في جنب الدِّما … مسَّهُ صاعقة ٌ من كهرُباء

يتراءَى كوكباً ذا ذَنَب … فإذا جَدَّ فَسَهما ذا مضاء

ما كان مُختلفُ الأَديانِ داعية ً … فأَهلاً بالأَوزِّ العائمينا

فإذا جاز اثريا للثري … جرّ كالطاووس ذيل الخيلاء

الكتب، والرسل، والأَديان قاطبة ً … وكم باتوا على هَرْج ومَرْجِ

يملأُ الآفاقَ صوتاً وصدًى … كعزيف الجنّ في الأَرض العَرَاء

أرسلتْه الأرضُ عنها خبراً … طَنَّ في آذانِ سكَّانِ السماء

… مائجٌ بها لَبَبُ

يا شباب الغدِ ، وابناي الفِدى … لكُمُ، أَكْرِمْ وأَعزِز بالفِداء

آنساً الى … بابُه لِداخِلِهِ

وأين ماضية ٌ في الظلم ، قاضية ٌ ؟ … واين نافذة ٌ في البغي ، نجلاءُ ؟

هل يمد اللهُ لي العيشَ ، عسى … أن أراكم في الفريق السُّعداء ؟

وأرى تاجكُمُ فوق السُّها … وأرى عرشكُمُ فوق ذكاء ؟

مٌ وإن همُ طَربوا … والحنانُ، والحَدَب

من رآكم قال : مصرُ استرجعتْ … عزَّها في عهد خوفو و مناء

لئن غدوتُ إلى الإحسانِ أَصرفها … فإن ذلك أجرى من معاليها

يَجمعُ المَلا … يُحضِر الغَيَب

أُمَّة ٌ للخلد ما تبني، إذا … ما بنى الناسُ جميعاً للعَفاء

والمُدامُ أَكؤُسُها … قبله طرِب

يا شعبَ عثمانَ من تركِ ومن عربٍ … حيّاكَ مَنْ يبعث الموتى ويُحييها

تَعْصِمُ الأَجسامَ من عادي البلا … وتقي الآثار من عادي الفناء

إن أَسأْنا لكُمُ، أَو لم نُسِىء ْ … نحن هلكي ، فلكم طولُ البقاء

لقينا الفتحَ والنصرَ المبينا … تقدم نحو نارٍ أَي نارِ

إنما مصرُ إليكمْ وبكمْ … وحُقوقُ البرِّ أَوْلى بالقضاء

أنت حاتمٌ … ليلة ٌ لسيِّدِنا

عصركم حرٌّ ، ومستقبلكم … في يمين الله خير الأمناء

لم تقم على … المَلاَ لها قُطُب

لا تقولوا : حطَّنا الدّهرُ ، فما … هو إلاَّ من خيالِ الشعراء

لا تناله الرِّيَب … يا وما نضب

هل علمتمْ أُمة ً في جَهلها … ظهرتْ في المجد حسناءَ الرِّداء ؟

باطِنُ الأُمة ِ من ظاهِرِها … إنما السائلُ مِن لونِ الإناء

… لم يقل جدب

فخذوا العلم على أعلامه … واطلبوا الحكمة َ عند الحكماء

واقرأوا تاريخكم ، واحتفظوا … بفصيح جاءكم من فصحاء

… سٍ انظر النّشب

أنزلَ اللهُ على ألسنهم … وحيه في أعصر الوحيِ الوضاء

ما الخصيبُ؟ ما الـ … ،سحرُ ذو العُبُب

واحكموا الدنيا بسلطانٍ ، فما … خلقتْ نضرتها للضعفاء

واطلبوا المجد على الأَرض، فإن … هي ضاقت فاطلبوه في السماء

خيرُ من دعا … خيرُ من أَدب

ربَّ مصر، عش … وابلغ الأرب

وهْوَ مُشْفِقٌ حَدِب … ـاعر الأرب

… خيرِ منْ خَطب

فارسيَّة ً … واكتفى بها الغَيَب

يستفزُّها نَغَمٌ … عاطِلٌ ومختضِب