الحمدُ للهِ جلَّ اللهُ منْ خالقٍ – محيي الدين بن عربي
الحمدُ للهِ جلَّ اللهُ منْ خالقٍ … وهوَ العليمُ بنا الفاتِقُ الراتقْ
قدْ ضمَّ شملي بهِ إذْ كنتُ في عدمٍ … لا علمَ عندي بمخلوقٍ ولا خالقْ
حتى إذا برزتْ بالكونِ أعيننا … علمت بالكونِ قطعاً أنه الخالق
وأنهُ واحدٌ لا شريكَ لهُ … إلا القبولُ فأنى فيهِ بالصادقْ
والله لو علموا ما قلته سجدوا … لكلِّ ذي نظرٍ في علمهِ فائقْ
سرابٌ مجلاه في إنسان ناظرهم … ماء يموِّجه أنواره غارق
سرابُ أحبابه على اختلافهمُ … في الحب فيه شرابٌ صفوهُ رائق
شِربٌ إذا نادموه في مجالسهم … بما تلاهُ عليهمْ كلهم ناطقْ
لا ينظرون إلى غير فيحجبهم … ويحذرون لديه فجأة الغاسق
وكلهم في جمالِ اللهِ حينَ بدا … للناظرين إليه الهائمُ العاشق
لو حققوا ما رأوه لم يروه سوى … لهمْ ولكنهمْ أعماهمُ الطارقْ
وكادهم فنفوا عنه نفوسهمُ … وهكذا جاءَهم في سورة ِ الطارقْ
إنَّ الذي فلق الإصباح قال لنا … بأنه للنوى والحبِّ بالفالق
أين الصباحُ وأين الحب فاعتبروا … فشمسُ إعلامه في شرقه شارق
إنَّ الصباحُ من أجلِ العينِ أبرزهُ … والحبُّ للروحِ فانظر حالة َ الفارقْ
فالحبُّ أشرفُ منْ عينِ الصباحِ فكنْ … بما أتيتَ به لفهمك الواثق
لذاكَ قدمهُ على الصباحِ فإنْ … تعدلْ بهِ فلقاً فلستَ بالصادقْ
إنَّ الصباحَ قديمٌ للنوى وكذا … للحبِّ وهو لهذا الهائم الرامق
روحٌ تولدَ عن حبٍّ تولدَ عنْ … نورٍ تولدَ عنْ عناية ِ الرازقْ
الله يخلفه والله يخلفه … لذا هوَ الدهرُ من أسمائِهِ الفائق
إنْ لم أكن سابقا في كلِّ ما نطقتْ … به التراجمُ كنت المقتفي اللاحق
إني لأقذفُ بالحقِّ المبينِ على … ما كانَ منْ باطلٍ ليمسي الزاهقْ