احتراق أولي – عدنان الصائغ

في الموعدِ تأتي..؟ ضاحكةً تَغسِلُ كالمطرِ العذبِ، حديقةَ روحي، تلك المتربةَ العُشْب، اليابسةَ الأغصان، المغبرّةَ من طولِ الجَدْبِ،…

سأنسى أنَّ زهوري ذبلتْ بين يديكِ،

وكلَّ عصافيرِ قصائدِ شِعري هربتْ من قضبانِ نوافذِ غرفتكِ الموصدةِ الأبوابِ… إلى الغاباتِ..

وأنسى أنّكِ كنتِ بدون مبالاةٍ تَطْلِين أظافرَكِ الحلوةَ من نزفِ دمي،… أنسى .. أنسى

في الموعدِ تأتي..؟ مَنْ أَبْصَرَ حُزني يُورقُ وردةَ جوري، في الرُكْنِ المنسيِّ.. إذا مرَّتْ سيِّدتي..؟

مَنْ أَبْصَرَ روحي تتسلّلُ في الليلِ إلى شُبّاكِ الفاتنةِ الزعلانةِ، كالقمرِ الشاردِ،

حين تؤرّقني في الغربةِ أطيافُ هواها…

وأُغَنِّي….

في الموعدِ.. تأتي.. فلماذا يحسدني الشارعُ حينَ تجيء..

وأزهارُ المشتلِ – آهٍ – تَتَلَفَّتُ ذاهلةً..

وتُدِيرُ الريحُ العنقَ..

أما كانَ الشارعُ يَعرِفُ هذا المتشرّدَ في أرصفةِ الوجعِ الليليِّ..

أطاردُ ظلّي في الحاناتِ، وفي الأقبيةِ الرطبةِ..

يتبعني البقُّ.. وصفَّاراتُ العَسَسِ الليليين… (سأنسى الكدماتِ

على وَجْهي المصفرِّ..

وأطلبُ كأساً…

لكنَّ النادلَّ، يَرمُقُني ببرودٍ…

يُطْفِيءُ آخرَ ضوءٍ في حانتِهِ، ويُغادرُني…)

في الموعدِ تأتي..؟.. كانتْ بقميصِ الحبِّ الشفّافِ.. سحابةَ شِعرٍ رائعةً.. تعبُرُني.. (.. آهٍ.. لو تمطرُ.. لو نمشي تحت رَذَاذِ الليلِ المجنونِ… تُبلِّلُ كلَّ أغانينا وملابسنا، القطراتُ… ونمشي.. ما أجملَ أنْ تتسكّعَ تحت نثيثِ الأمطارِ مع امرأةٍ تهواها.

… وتُغنِّي ملءَ هواكَ…..)

في الموعدِ تأتي؟.. أَعْرِفُ أنَّ النسوةَ قد يتأخَّرنَ عن الموعدِ… بضعَ دقائق…

… أو ساعاتٍ.. لا شيء سوى الغنجِ الحلوِ.. وتلويعِ الروحِ.. وأَعْرِفُ كيف يباهين بأنَّ العاشقَ ظلَّ أمام النافذةِ الموصودةِ، منتظراً حتى الفجر.. وحتى يبستْ أعشابُ الصبرِ برجليهِ.. وحتى.. .. وأنا

(.. كانتْ تتعذَّرُ دوماً بصديقتها..

أو بطءِ الباصِ.. وكانتْ….)…

وأنا تحتَ مصابيحِ الطُرُقاتِ الخابيةِ الضوءِ.. أُضِيءُ..

وأنْزِفُ أشعاري…

هل تأتي في الموعدِ… سيِّدتي؟

أأصدّقُ أنَّ امرأةً رائعةَ الفتنةِ مثلكِ…

يمكن أنْ تأتي…؟

16/4/1984 بغداد