إذا كنتَ بالأمرِ الذي أنتَ عالمٌ – محيي الدين بن عربي
إذا كنتَ بالأمرِ الذي أنتَ عالمٌ … بهِ جاهلاً فاعلمْ بأنكَ عارفُ
إذا أنتَ أعطيتَ العبارة َ عنهمُ … بما هم عليه فاعلم أنك واصفُ
فإنَّ الذي قدْ ذقتهُ ليسَ ينحكي … ولا يصرفُ الإنسان عن ذاك صارفُ
وقلْ ربِّ زدني من علومٍ تقيدَتْ … علومُ مذاقٍ أنهنَّ عوارفُ
إذا نلتها كنتُ العليمُ بحقها … وإن كانت الأخرى فتلك المعارفُ
فمعرفتي بالعينِ ما ثم غيرها … وعلمي بحال واحد وهو عاطف
عليها وذاك الأمر ما فيه مدخل … ألا كلُّ ذي ذوقٍ هنالك واقف
وما جهلَ الأقوامُ إلا عبارتي … وما أنا باللفظِ المركبِ كاشفُ
وما ثم تصريحٌ لذاك عيوننا … إذا ما عجزنا بالدموعِ ذوارف
فإنْ نحنُ عبرنا فإنَّ كبيرنا … لحنظلة التشبيه باللفظ ناقف
تمعرَ منهُ الوجهُ والعجزُ قائمٌ … بهِ ويراهُ اليثربي المكاشفُ
ولو كان غير اليثربيّ لما درى … وهلْ يجهلُ العلامَ إلا المخالفُ
نفى عنهم القرآن فيه مقامهم … وإني بالله العظيمِ لحالف
لقد سمعت أذناي ما لا أبثُّه … وقد جافى الأمر الذي لا يخالف
فقلتُ له سمعاً إلهي وطاعة … وقد كان لي فيما ذكرتُ مواقف
وما كنتُ ذا فكرٍ ولا قائلاً به … وقدْ بينتْ لي في الطريقِ المصارفُ
وما صرفتنا عن تحققِ ذاتنا … بما في طريقِ السالكينَ الصوارفُ
وما ثم إلا سالك ومسلك … بذا قالتِ الأسلافُ منا السوالفُ
مشينا على آثارهم عن بصيرة … وتقليدِ إيمانٍ فنحنُ الخوالفُ
وما حيرتنا في الطريق مجاهل … وما حكمت بالتيه فينا التنائف
فإنْ كنتَ ذا حسٍّ فنحنُ الكثائفُ … وإن كنت ذا علم فنحن اللطائف
لقد جهلتْ ما قلته وأبنته … من أهل الوجودِ الحقِّ منا طوائف
لقدْ قالتِ الأعرابُ : الحربُ خدعة ٌ … وإني خبيرٌ بالحروبِ مثاقفُ
ألا فاعذروا من كان لي ذا جناية … ويقديه مني تالدٌ ثم طارف
ويشتد خوفي من شهودي لموجدي … ولما رمت بي نحو ذاك المخاوف
علمتُ بأني ذو إنكسارٍ وذلة … وأني مما يأمنُ القلبُ خائفُ
وأصبحت لا أرجو أمانا وإنني … على بابِ كوني للشهادة ِ واقفث
شهيدٌ لنفسي لا عليها لأنني … عليم تهادى للعمى متجانف
وإني أناديني إذا ما دعوتني … وقد هتفتْ بي في الخطوبِ الهواتفُ