إذا كان من ترجونه تحذرونه – محيي الدين بن عربي

إذا كان من ترجونه تحذرونه … فكيفَ لكمْ بالأمنِ والخوفُ حاصلُ

وكيف لكم بالخوفِ والأمن مانعٌ … فقلْ لي ما المعمولُ فالعبدُ قابلُ

وإنَّ اعتدال الأمر ليس بواقع … ولا نافع فاعلم فما فيه طائل

فلا بدَّ من ترجيح أمر فإنه … هو الغرض المطلوبُ فالأصل مائل

فلولا وجودُ الميلِ لمْ تكُ عيننا … ولا ينكرُ العالمينَ إلا الأسافلُ

لقدْ قالَ لي شخصٌ أمينٌ بمكة َ … عن السيِّد المختارِ ما أنا قائل

سألتُ رسولَ اللهِ في الأمرِ قالَ لي … ألا إنَّ قولي ما يقول الأوائل

وقلتُ لكمْ عني خذوهُ فإنهُ … هو الحقُّ لا عنهم وهنَّ الفواضل

نفوسٌ كريماتٌ أتينَ بكلِّ ما … أتتكم به الأرسال والحقُّ فاصل

فمنْ شاءَ فيرحلْ ومنْ شاءَ فليقمْ … فإني إلى الله المهيمنِ راحلُ

فقلت له: نامت جفونك إنها … لبشرى فقل ما شئتَ إنك فاضل

وبشرني أيضاً بأنَّ نصيبنا … من البيت رُكنُ قبلته الأفاضل

ولازمني حتى أتته بمكة … منيته فاغتمّ عالٍ وسافلُ

أتاني رسولٌ بالوراثة ِ فاضلٌ … بإشبيلة الغرّاء في العلمِ كامل

فقالَ لنا علمُ الحروفِ دليلنا … على أنك الندبُ الإمامُ الحُلاحل

فلستَ ترى في الرُّقم حرفاً مسطراً … تعين الا وهو للكلِّ شامل

وفي كلِّ حرفٍ اختصاصٌ مبينٌ … يراهُ على التعيينِ منْ هوَ عاملُ

بما في حروفِ الرقمِ واللفظِ عالمٌ … يذبُّ بهِ عنْ نفسهِ ويناضلُ

عن أمرٍ إلهيّ يكون مقدَّراً … بتقدير من ترجى لديه الوسائل

يحل به في كلِّ رحب ومارق … إذا هي حلَّت بالنفوسِ النوازل