إحساس شاعر – جمال مرسي
هوَ الشِّعرُ أُزجيهِ قصيداً مُغَرِّدا … على البُعدِ و الأزمانِ يبقى مُخَلَّدا
جَعَلْتُ لهُ اْلجوزاءَ تاجاً يَزِينُهُ … و شمسَ الضُّحى عرشاً و بدرَ الدُّجى رِدا
كَسَوتُ القوافي من حريرِ مودَّتي … و جَرَّدتُها إلا من الحقِّ و الهُدى
فكانت لظىً في النائباتِ و في الوغى … و كانت حماماتٍ إذا السيفُ أُغمِدا
و كانت لأصحابي أزاهيرَ روضةٍ … و جاماً بها جَرَّعتُ أعدائيَ الردى
و ما غابت الأوطانُ عن شِعريَ الذي … نَسَجتُ ، و لا الإحساسُ يوماً تَبَلَّدا
بلادي لها في كُلِّ حرفٍ كتبتُهُ … نصيبٌ ، و في قلبي مكانٌ تَفَرَّدا
إذا ما دَعَتني في عظيمٍ ، وَجَدتُني … لها القلبَ و العينينِ و الروحَ و اليدا
هواها مِدادِي ، نيلُها العذبُ في دمِي … و أنسامُها العطرُ الذي فاحَ في المَدى
فإن لفَّني ليلٌ طويلٌ و غربةٌ … يَلُح وجهُهَا في وحشةِ الليلِ فرقدا
خليليَّ سيرا بي إلى مصرَ ، إنَّها … شفائي من الدَّاءِ الذي فِيَّ عربَدا
فلي في رُباها ذكرياتٌ ، عبيرُها … على البُعدِ فَوَّاحٌ ، و إنْ غِبتُ سرمدا
و لولا يقولُ الحقُّ ” فامشوا “، لما نَبَتْ … خُطىً تقطعُ البطحاءَ سهلاً و فدفدا
و لِيْ أصدقاءٌ ما تلاقت جُسومُهُم … و لكِن بأرواحٍ تلاقت على الهُدى
إذا ما ادلَهَمَّتْ نائباتٌ ، وَجَدتُهُمْ … هُمُ المنهلُ الدَّفَّاقُ بالخيرِ و النَّدى
فَسُبحانَ من آخى قلوباً قصيَّةً … على الحُبِّ من غير ِالتِقاءٍ و وحَّدا
أنا ما نَظَمتُ الشعرَ أرجو بنظمِهِ … نوالاً ، و لا أُرضي بما قُلتُ سيِّدا
و لكنَّني ترجمتُ إحساسَ شاعرٍ … و عطَّرتُ دنيانا بشعرٍ لهُ صَدى
جعلتُ رضا الرحمنِ همِّي و غايتي … فحققتُ ما أصبو إليهِ مُؤَيَدا