أُمُّ الكتابِ، إذا قَوّمتَ مُحكَمَها، – أبوالعلاء المعري

أُمُّ الكتابِ، إذا قَوّمتَ مُحكَمَها، … وَجَدتَها لأداءِ الفَرْضِ تَكفيكَا

لم يَشفِ قَلبَكَ فُرقانٌ ولا عِظَةٌ؛ … وآيَةٌ، لو أطَعتَ اللَّه، تَشفيكا

ما لي علمتُكَ، إن أوضعتُ في كذِبٍ، … كأنّكَ الشِّعرُ لم تكذُبْ قَوافيكا

كالبَحرِ بالشّامِ مُرٌّ لا يُصابُ به … دُرٌّ، ومن شرّ رادِ القومِ طافيكا

ومن سَجايا المَخازي أن تُرى أشِراً، … تَرمي عَشيرَكَ بالدّاءِ الذي فيكا

تَجافَ هُجراً، فلا ألقاكَ مُعتَذِراً، … فأيُّ أيُّ حَياةٍ في تجافيكا؟

وهلْ ألُمُّ وداداً رُمّ منْ شَعَثٍ، … وقد لَمَحتُ تَلافي في تَلافيكا

ولم أُصاحِبْكَ في تَيهاءَ مُقفرَةٍ، … بها يُصافنُ ماءً مَن يُصافيكا

إيّاكَ عنّي، فأخشى أن تُحَرّقَني، … فإنّما تَقذِفُ النّيرانَ من فيكا

ما نالَ دارِيَّكَ الدّارِيُّ من أرَجٍ، … لكنْ مُنافِثُكَ الأدنَى مُنافيكا

مَن لي بأنّيَ أرضٌ، ما فعَلتَ بها … من القَبيحِ، استَقَرّتْ لا تكافيكا

عافانيَ اللَّهُ ممّا بتَّ جانيَهُ، … فلم يَزَلْ من جناياتي يُعافيكا

ولو فرَيْتَ أديمي فرْيَ مُلتَمِسٍ … نَفعاً، لما آلَمَتْ نَفسي أشافيكا

إذا ابتَهَجتَ وأعطاكَ المَليكُ غنًى، … غَدَوْتَ كالرَّبْعِ لم تُحمَدْ عَوافيكا

يحلُّكَ الحَيُّ، بعدَ الحَيّ، عن شحَطٍ، … وما سُوافُكَ إلاّ من سوافيكا

تُلقي أثافيّ قَوْلٍ غيرِ مُتّئِبٍ، … فَما يُبوخُ سَعيرٌ من أثافيكا

وآجِنٌ حوْضُكَ الملآنُ من أسَنٍ، … وقد تَشَهّرَ بالإشراقِ صافيكا

ظلّتْ خوافيكَ، والبلوى مكشَّفَةٌ، … قَوادِماً، وبَدا للإنسِ خافيكا

كعلّةِ الجسمِ أدْنَتْهُ إلى شَجَبٍ، … يُعَدُّ أشنَعَ من غَدْرٍ توافيكا