أَما وَحُبِيّكِ هذا مُنْتَهَى حَلَفِي – الأبيوردي

أَما وَحُبِيّكِ هذا مُنْتَهَى حَلَفِي … لَيَظْهَرَنَّ الذي أُخْفِيهِ مِنْ شَغَفي

فَبَيْنَ جَنْبَيَّ سِرٌّ لا يَبُوحُ بِهِ … سوى دُمُوعٍ، متى ما تُذْكَري تَكِفِ

أَسْتَكْتِمُ القَلْبَ أَسْراراً تَنُمُّ بِها … إلى الوُشاة ِ شُؤونُ الأَدْمُعِ الذُّرُفِ

وَعاذِلٍ مَجَّ سَمْعَي ما يَفُوهُ بِهِ … وقد جَعَلْتُ أَحَادِيثَ النَّوى شَنَفي

وفي الجَوانِحِ حُبُّ لا يُغَيِّرُهُ … صَدُّ المُلوكِ وَبُعْدُ النِّيَّة ِ القَذَفِ

وَما الحَبيبُ، وما أَعْني سِواكِ بِهِ … مِمَّنْ يَقِلُّ عَليهِ في النَّوى أَسَفي

ولا أَخافُ الرَّدى إنْ كُنْتُ راضِيَة ً … بِهِ، فَكَمْ كَلَفٍ أَفْضَى إلى نَلَفِ

وَإنْ أَبَيْتُ فَما بِالرِّفْقِ يَمْلِكُني … مَنْ لا يُلائِمُ أَخْلاقي، وَلا العُنُفِ

وَلا الهَوى يَعْطِفُ الإكْراهُ شارِدَهُ … ليسَ الفُؤادُ إذا وَلَّى بِمُنْعَطِفِ

وَوَقْفَة ٍ لَمْ أَقُلْ فيها عَلى وَجَلٍ … لِلَّدَمْعِ، مِنْ حَذَري عَيْنَ الرَّقيبِ: قِفِ

بِمَنْزلٍ يَسْتَعيرُ الظَّبيُ مِنْ غَيَدٍ … في حافَتَيْهِ، وَغُصْنُ البَانِ مِنْ هَيَفِ

وَالعامِريَّة ُ تَسْقي الوَرْدَ مُجْهِشَهً … بِنَرْجِسٍ مِنْ سِجالِ الدَّمعِ مُغْتَرِفِ

تَقولُ حَتّامَ لا تَلوْي عَلى وَطَنٍ … وَكَمْ تُعَذِّبُ جِسْماً بادِيَ التَّرَفِ

وَكَمْ تَشِيمُ بُروقاً غيرَ صادِقَة ٍ … وَالآلُ لَيْسَ بِما يُرْوي صَداكَ يَفي

وَأَنْتَ مِنْ مَعْشَرٍ لولا تَأَخرُّهُمُ … جاءتْ بِذكْرِهِمُ الأُولى مِنْ الصُّحُفِ

شُمُّ العَرانِينِ لاتَدْمَى أُنْوفُهُمُ … عِنْدَ اللِّقاءِ ولا تَعْرَى مِنَ الأَنَفِ

ولا تَخُبُّ هَوادي الخَيْلِ إنْ رَكِبُوا … إلى الوَغى بِمَعازِيلٍ وَلا كُشُفِ

فَاسْتَبْقِ نَفْسَكَ لا يُودِ السِّفارُ بِها … فَهْيَ الحُشاشَة ُ مِنْ مَجْدٍ وَمَنْ شَرَفِ

وَعِرْضُ مِثْلِكَ لا تَغْتالُهُ نُوَبٌ … تَفْتَرُّ عِيشَتُهُ فيها عَنِ الشَّظَفِ

وَلَيسَ يَرْضَى ، وفي أَحشائِهِ غُلَلٌ … رِيّاً بِما يَصِمُ الظَّمْآنَ مِنْ نُطَفِ

يا أخْتَ سَعْدٍ وَسَعْدٌ خَيْرَ مَنْ جَذَبَتْ … إلى العُلا ضَبْعَهُ الأَشْياخُ مِنْ حَذّفِ

كُفِّي وَغاكِ فَما عُودي بِمُهْتَصَرٍ … وَإنْ أَرابَكِ ما تَلْقَيْنَ مِنْ عَجَفي

لا عَيْبَ بِالسَّيْفِ إنْ رَقَّتْ مَضارِبُهُ … مِنَ النُّحولِ، ولابِالرُّمْحِ مِنْ قَضَفِ

وَإنْ تَغَرَّبْتُ لَمْ أَفْزَعْ إلى وَكَلٍ … وَلَمْ يَكُنْ مِنْ صَرَى الأَمواهِ مُر تَشَفي

وقد فَلَيْتُ الوَرى حَتّى قَلَيْتُهُمُ … إلاّ بَقايا ِكرامٍ مِنْ بَني خَلَفِ

جادَ الزَّمانُ بِهِمْ وَالبُكْمُ شيمَتُهُ … فَالفَضْلُ في خَلَفٍ مِنْهُمْ وَفِي سَلَفِ

وَهُمْ وَإنْ حُسِبُوا في أَهْلِهِ وَلَهُمْ … عُلاً رَعَوْا تالِداً مِنْها بِمُطَّرَفِ

كَالماءِ وَالنَّارِ مَوْجودَينْ في حَجَرٍ … وَالبَدْرِ في سُدَفٍ وَالدُّرَّ في صَدَفِ

فَآلُ صَفْوانَ إنْ تُذْكَرْ مناقِبُهُمْ … يَلوِ الحَسُودُ إليها جِيدَ مُعْتَرِفِ

وقد أَظَلَّ أَبا أَروَى ذُرا نَسَبٍ … بسُؤدَدٍ كَجَبينِ الصُّبِْ مُلْتَحِفِ

ذُو هِمَّة ٍ لَنْ تَنالَ الشُّهْبُ غايَتَها … عَلَتْ وَما احْتَفَلَتْ مِنْها بِمُرْتَدِفِ

جَمُّ التوّاضُعِ وَالأَقْدارُ تَخْدُمُهُ … ولا يُصَعِّرُ خَدَّيْهِ مِنَ الصَّلَفِ

كَالبَحرِ لَوْ أَمِنَ التَّيّارَ راكِبُهُ … وَالبَدْرِ لَوْ لَمْ يَشِنْهُ عارِضُ الكَلَفِ

طَلْقٌ مُحَيَّاهُ لِلْعافِي، وَراحَتُهُ … في الجُودِ تُزْري عَلى الهَطَّالَة ِ الوُطُفِ

رَقَّتْ وَراقَتْ سَجاياهُ، فَنَفَحْتُها … تَشِي إليكَ بِرَيّا الرَّوْضَة ِ الأُنُفِ

وَيَنْتَضي الحِلْمُ مِنْهُ عَفْوَ مُقْتَدِرٍ … عَنْ كُلِّ مُعْتَرِفٍ بِالذَّنبِ مُقْتَرِفِ

بَثَّ المَواهِبَ حَتّى ضَمَّ نائِلُهُ … مِنَ المَحامِدِ شَمْلاً غَيْرَ مُؤْتَلِفِ

ولم يَذَرْ في النَّدى إسرافُهُ كَرَماً … وَإنَّما شَرَفُ الأَجوادِ في السَّرَفِ

لَبَّيْكَ ياجُمَحِيَّ المُكْرِماتِ فَقَدْ … ناديْتَ شِعْرِي وَعِزُّ اليَاسِ مُكْتَنِفِي

فَازْوَرَّ عَنْ كُلِّ نِكْسٍ لا يُهابُ بِهِ … إلى الثَّناءِ عَنِ العَلياءِ مُنْحَرِفِ

إذا تَجاذَبْتُما أَهْدابَ مَكْرُمَة ٍ … حَلَلْتَ في الصَّدْرِ مِنْها وَهْوَ في الطَّرَفِ

لَئِنْ جَحَدْتُكَ نُعْمَى مَدَّرَيِّقُها … إلى النَّوائِبِ مِنّي باعَ مُنْتَصِفِ

فلا تَلَقَّيتُ خِلِّي حِينَ تُزْعِجُهُ … فَظاظَة ُ الدَّهْرِ، بِالمَعْرُوفِ مِنْ لَطْفي