أَعَن وَميضِ سَرى في حُندُس الظُلم – عائشة التيمورية

أَعَن وَميضِ سَرى في حُندُس الظُلم … أَم نِسمَة هاجَت الاِشواق من أضم

فَجَدَّدَت لي عَهدا بِالغَرامِ مَضى … وَشاقَني نَحو اِحبابي بِذي سِلم

دَعا فُؤادي مِن بَعد السَلو اِلى … ما كُنتُ أَعهد في قَلبي مِن القدم

وَهاجَني لِحَبيب عِشق مَنظَرَه … يَمحو وَيُثبت ما يَهواه مِن عدمى

يَمحو سَلوى كَما يَمحو اِساءَتِهِ … حَسبي لَهُ فَعَذابي فيهِ كَالنَعيم

رامَ الوُشاةَ سَلوى عَن مَحَبَّتِهِ … وَلَم أَوف لَهُم عَذلا وَلَم أَرُم

كَيفَ اِستَنار الجَوى يا مَن تَمَلَّكَني … وَشاهد العِشق في العُشّاقِ كَالعِلم

فَيا لَهُ مُعرِضا عني وَمُعتَرِضا … بَينَ الفَراغِ وَقَلبي وَهُو متهمى

حَسبي مِنَ الحُبِّ ما أَفضى اِلى تَلفى … وَما لَقيتُ مِنَ الآلامِ وَالسَقمِ

أَنّى رَدَدت عَنانى عَن غِوايَتِه … وَقُلتُ يا نَفس خلى باعِث النَدم

وَلَذَّت بِالمُصطَفى رَب الشَفاعَة اِذ … يَدعو المُنادي فَتحي الناس من رحم

طه الَّذي قَد كَسا اِشراقَ بِعثَتِه … وَجه الوُجودِ سَناء الرُشدِ وَالكَرَم

طه الَّذي كللت انوا سنته … تيجان أُمَّتِه فَضلا عَلى الامَم

نِعم الحَبيب الَّذي من الرقيب بِهِ … وَهُوَ القَريبُ لِراجى المَجدِ وَالنِعَم

روحى الفِداء وَمن لي اِن كون لَهُ … هذا الفِداء وَموجودى كَمُنعَدِم

وَما هِيَ الروحُ حَتّى أَفتَديهِ بِها … وَهي البغاث يَغارُ الظُلمُ وَالظلم

وَالعُمرُ أَفنَت ثِقال الوُزر لمحته … وَبَدَّدَتهُ صُروفُ الدَهرِ بِالتُّهَم

أَينَ الرَشادُ الَّذي أَعدَدتُهُ لِغَد … غَويت عَنهُ فَزلت بِالهَوى قَدمى

من لي بترب رحاب لَو أَفوزُ بِها … كَحلت عينا أَفاضَت دَمعُها بِدَم

من لي بِاِطلالِ بان عز مَنظَرِها … تَسقى بَطَل من الآماق مُنسَجِم

تحط أَثقال وُزر لا تَقومُ بِها … شَم الرَواسي من راس وَمُنهَدِم

فَكَم يَتبَع زَلال فاض من يَدِه … أَروي الاِوام وَأَسقى مِنهُ كُل ظَمىء

وَالجذع أَن لَهُ من بَعدِهِ جزعا … لما رَأى عَنهُ مَولى العرب وَالعُجم

لانَت لَهُ الصَخرَة الصَمّاءِ طالِعَة … مُذ مَسَّها سَيِّدُ الكَونَينِ بِالقَدَم

فَيا لَها مُعجِزات ما لَها عَدَد … أَفلِها منا يَدا نار عَلى عَلم

وَلا يُحيطُ بِهِ مَدحى وَلَو جَعَلت … جَوارِحي أَلَسنا يَنطُقنَ بِالحُكمِ

وَاِنَّما أَرتَجى مِن مَدحِهِ قبسا … يَهدي الصِراطُ وَيَشفى الروحُ من أَلَم

وَكَيفَ لي بِاِتِّعاظِ النَفسَ آمِرَتي … بِالسوءِ ناهيتي عَن مَورِدِ النِعَم

فَما اِلتِماسي عَن خَيرِ يَقرُبُني … زُلفى السَعيم وَلا تَسقى بِمُنتَظِم

لكِن لي أُسوَةأَشفى بِها وَصَبي … حُسن اِرتِباطي بِحَبلِ غَير مُنفَصِم

وَمِنَّةُ اللَهِ دين وَصفِهِ قيم … بِحُجَّتي اِن أَخَف يَومَ اللُقا يقم

وَما سِوى فوزكوني بَعضُ أُمَّتِه … ذُخرا أَفوزُ بِهِ مِنَ زلة الوَصم

اِلّا اِلتِماسي عَفوا بِالشَفاعَةِ لي … مِن خاتِمِ الرُسُلِ خَيرُ الخَلقِ كُلُّهُم

مَددت كَف الرَجا أَرجو مراحمه … وَقَد حَلَّلت بِهِ في بَهرَة الحرم

أَقولُ حينَ أَوافى الحَشر في خَجل … اِن الكَبائِرَ أَنسَت ذِكرَهُ اللِمَم

يا خَيرُ من اِرتَجى اِن لَم تَكُن مَددى … وَاِزلَتي يَومَ وَضع القِسطِ وَالدِمى

فَاِشفَع بِحُبِّ الَّذي أَنتَ الحَبيبُ لَهُ … لَولاكَ ما أَبرَزَ الدُنيا مِنَ العَدَم

عَلَيكَ أَزكى صَلاةُ اللَهِ ما اِفتُتِحَت … أَدوارُ دَهر وَما وَلَّت بِمُختَتَمِ