أَرِقْتُ للَمْعِ برقٍ حاجِرِيِّ – سبط ابن التعاويذي

أَرِقْتُ للَمْعِ برقٍ حاجِرِيِّ … تألَّقَ كاليَمانِي المَشْرَفيِّ

أَضَاءَ لَنَا الأَجَارِعَ مُسْبَطِرًّا … إلَيْهِ بِكُلِّ شَيْطَانٍ غَوِيِّ

كَأَنَّ وَمِيضَهُ لَمْعُ الثَّنَايَا … إذا ابتسمَتْ وإشراقُ الحَلِيِّ

فأَذكَرَني وجوهَ الغِيدِ بِيضاً … سَوالِفُها ولمْ أكُ بالنَّسِيِّ

ولَيلى بعدُ ما مطلَتْ ديوني … ولا حالَتْ عنِ العهدِ الوفِيِّ

مُنعَّمة ٌ شَقِيتُ بها ولولا الهوى ما كنتُ ذا بالٍ شَقيِّ … مِلْتُمْ عَلَى ذِي الْـ

ـقَرَابَة ِ لِلبَعِيدِ الأَجْنَبِيِّ … إذا نظَرَتْ بطَرفٍ بابِليِّ

أَتِيهُ صَبَابَة ً وَتَتِيهُ حُسْناً … فوَيلٌ للشجِيِّ من الخَلِيِّ

ولولا حُبُّها لم يُصْبِ قلبي … سَنا برقٍ تألَّقَ في حَبِيِّ

أَجَابَ وَقَدْ دَعَانِي الشَّوْقُ دَمْعِي … وقِدْماً كنتُ ذا دمعٍ عَيِيِّ

وقفتُ على الديارِ فما أَصاخَتْ … مَعالمُها لمُحترِقٍ بَكِيِّ

أُرَوِّي تُربَها الصادي كأنّي … نَزَحْتُ الدَّمْعَ فِيهَا مِنْ رَكِيِّ

ولو أكرَمْتِ دمعَكِ يا شؤوني … بكَيتِ على الإمامِ الفاطِميِّ

عَلَى الْمَقْتُولِ ظَمْآناً فَجُودِي … على الظمآنِ بالجَفنِ الرَّوِيِّ

فَمَا عَطَفَ الْبُغَاة ُ عَلَى الْفَتَاة ِ الْـ … حِمى الإسلامِ والبطلِ الكَمِيِّ

على الباعِ الرَّحيبِ إذا ألمَّتْ … بهِ الأزَماتُ والكفِّ السخِيِّ

على أَندى الأنامِ يداً ووجهاً … وأرجَحِهِمْ وَقاراً في الندِيِّ

وخيرِ العالَمينَ أباً وأُمّاً … وأطهرِهمْ ثَرى عِرْقٍ زَكِيِّ

فما دفَعوهُ عن حسَبٍ كريمٍ … وَلاَ ذَادُوهُ عَنْ خُلْقٍ رَضِيِّ

لَقَدْ قَصَمُوا عُرَى الإسْلاَمِ عَوْداً … وبَدءاً في الحُسَيْنِ وفي عَلِيِّ

وَيَوْمُ الطَّفِّ قَامَ لِيَوْمِ بَدْرٍ … بأخذِ الثأرِ من آلِ النبيِّ

فثَنَّوْا بالإمامِ أمَا كَفاهُمْ … ضلالاً ما جنَوْهُ على الوَصِيِّ

وأَسْرى عن قلوبٍ قاسِياتٍ … بِأَطْرَافِ الأَسِنَّة ِ وَالْقِسِيِّ

يَبِيعُونَ الدِّمَاءَ عَلَى کنْتِهَاكِ … الْمَحَارِمِ جِدَّ مِقْدَامٍ جَرِيِّ

أَطَافُوا مُحْدِقِينَ بِهِ وَعَاجُوا … عليهِ بكلِّ طِرْفٍ أَعْوَجِيِّ

بِكُلِّ مُثَقَّفٍ لَدْنٍ وَعَضْبٍ … سُرَيْجِيٍّ ودِرعٍ سابُرِيِّ

فَأَنْحْوْا بِالصَّوَارِمِ مُسْرِعَاتٍ … على البَرِّ النقيِّ ابنِ النقِيِّ

وُجُوهُ النَّارِ مُظْلِمَة ً أَكَبَّتْ … عَلَى الْوَجْهِ الْهِلاَلِيِّ الْوَضِيِّ

فيا لكَ من إمامٍ ضَرَّجُوهُ … من القاني بخِرْصانِ القُنِيِّ

بَكَتْهُ الأَرْضُ إجْلاَلاً وَحُزْناً … لِمَصْرَعِهِ وَأَمْلاَكُ السُّمِيِّ

وَغُودِرَتِ الْخِيَامُ بِغَيْرِ حَامٍ … يُناضلُ دُونَهُنَّ ولا وَلِيِّ

ولا بذلوا لخائفة ٍ أماناً … ولا سمُحُوا لظمآنٍ بَرِيِّ

ولا سَفَروا لِثاماً عن حياءٍ … ولا كرَمٍ ولا أنْفٍ حَمِيِّ

وساقُوا ذَوْدَ أهلِ الحقِّ ظُلماً … وَعُدْوَاناً إلَى الْوِرْدِ الْوَبِيِّ

وساروا بالكرائمِ من قُريشٍ … سبايا فوقَ أكوارِ المَطِيِّ

فَيَاللَّهِ يَوْمَ نَعَوْهُ مَاذَا … وَعَا سَمْعُ الرَّسُولِ مِنَ النَّعِيِّ

وَلَوْ رَامَ الْحَيَاة َ نَجَا إلَيْهَا … بعَزمَتِهِ نَجاءَ المَضْرَحِيِّ

فَيَا عُصَبَ الضَّلاَلَة ِ كَيْفَ جُزْتُمْ … عِناداً عن صِراطِكُمُ السَّوِيِّ

فألقَيتُمْ وعهدُكمُ قريبٌ … وراءَ ظهورِكُمْ عهدَ النبيِّ

وأخفَيتُمْ نِفاقَكُمُ إلى أنْ … وَثَبْتُمْ وَثْبَة َ الذِّئْبِ الضَّرِيِّ

وأبدَيتُمْ حقودَكُمُ وعُدتُمْ … إلَى الدِّينِ الْقَدِيمِ الْجَاهِلِيِّ

وبَيعُكُمُ لأُخراكُمْ سِفاهاً … بمَنزورٍ من الدنيا بَلِيِّ

وَحَسْبُكُمُ غَداً بِأَبِيهِ خَصْماً … إذا عُرفَ السَّقيمُ من البَرِيِّ

صَلَيْتُمُ حِزبَهُ بَغياً وأنتمْ … لِنَارِ اللَّهِ أَوْلَى بِالصَّلِيِّ

وَحَرَّمْتُمْ عَلَيْهِ الْمَاءَ لُؤْماً … وإشفاقاً إلى الخلْقِ الدَّنِيِّ

وَفِي صِفِّينَ عَانَدْتُمْ أَبَاهُ … وأعرضْتُمْ عنِ الحقِّ الجَلِيِّ

وَخَادَعْتُمْ إمَامَكُمُ خِدَاعاً … أتَيْتُمْ فيهِ بالأمرِ الفَرِيِّ

إمَاماً كَانَ يُنْصِفُ فِي الْقَضَايَا … وَيَأْخُذُ لِلضَّعِيفِ مِنَ الْقَوِيِّ

فأنكرْتُمْ حديثَ الشمسِ رُدَّتْ … لهُ وطَوَيْتُمُ خبَرَ الطَّوِيِّ

فَجُوزِيتُمْ لِبُغْضِكُمُ عَلِيًّا … عَذَابَ الْخُلْدِ فِي الدَّرَكِ الْقَصِيِّ

سأُهدي للأئمّة ِ من سَلامي … وَغُرِّ مَدَائِحِي أَزْكَى هَدِيِّ

سَلاَماً أُتْبِعُ الْوَسْمِيَّ مِنْهُ … عَلَى تِلْكَ الْمَشَاهِدِ بِالْوَلِيِّ

وَأَكْسُو عَاتِقَ الأَيَّامِ مِنْهُ … حَبائرَ كالرِّداءِ العَبقرِيِّ

حِسَاناً لاَ أُرِيدُ بِهِنَّ إلاَّ … مَسَاءَة َ كُلِّ بَاغٍ خَارِجِيِّ

يَضِيعُ لَهَا إذَا نُشِرَتْ أَرِيجٌ … كَنَشْرِ لَطَائِمِ الْمِسْكِ الذَّكِيِّ

كأنفاسِ النسيمِ سَرى بلَيلٍ … يَهُزُّ ذَوائبَ الوَردِ الجَنِيِّ

وَزَوْرَاءِ الْعِرَاقِ وَأَرْضِ طُوسٍ … سَقَاهَا الْغَيْثُ مِنْ بَلَدٍ قَصِيِّ

وَأَسْبَلَ صَوْبَ رَحْمَتِهِ دِرَاكاً … عَلَيْهَا بِالْغُدُوِّ وَبالْعَشِيِّ

فذُخْري للمَعادِ ولاءُ قَومٍ … بهمْ عُرِفَ السعيدُ من الشقِيِّ

كَفاني عِلمُهمْ أنّي مُعادٍ … عَدوَّهُمُ مُوالٍ للوَلِيِّ