أَتغلبني ذاتُ الدلالِ على صبري؟ – أحمد شوقي
أَتغلبني ذاتُ الدلالِ على صبري؟ … إذن أَنا أَولى بالقناع وبالخِدْر
تتيه ، ولي حلمٌ إذا مار كبته … رددتُ به أَمرَ الغرامِ إلى أَمري
وما دفعي اللوامَ فيها سآمة … ولكنّ نفسَ الحرّ أَزجرُ للحرّ
وليلٍ كانّ الحشرَ مطلعُ فجره … تراءَتْ دموعي فيه سابقة َ الفجر
سريت به طيفاً لى من أحبها … وهل بالسُّها في حُلَّة ِ السُّقمِ من نُكر
طرقْتُ حِماها بعدَ ما هبّ أَهلُها … أَخوضُ غِمارَ الظنِّ والنظرِ الشزْر
فما راعني إلاَّ نساءٌ لِقينَني … يبالِغن في زَجْري، ويُسرفن في نَهري
يقلْن لمن أَهوى وآنَسْنَ رِيبة ً: … نرى حالة ً بين الصَّبابة والسّحر
إليكنّ جاراتِ الحمى عن ملامتي … وذَرْنَ قضاءَ الله في خَلْقه يجري
وأَحْرَجني دمعي، فلما زجرتُه … رددتُ قلوبَ العاذِلاتِ إلى العُذْر
فساءَلْنها: ما اسمي؟ فسمَّتْ، فجئنني … يَقُلْنَ: أَماناً للعذارى من الشِّعر
فقلتُ: أَخافُ الله فِيكُنَّ، إنني … وجدتُ مقالَ الهُجْر يُزْرَى بأَن يُزْرِي
أَخذتُ بحَظٍّ من هواها وبينها … ومن يهو يعدلْ في الوصال وفي الهجر
إذا لم يكن المرءِ عن عيشة ٍ غنى ً … فلا بدّ من يُسر، ولا بد من عُسر
ومن يَخبُرِ الدنيا ويشربْ بكأْسها … يجدْ مُرَّها في الحلو، والحلوَ في المرّ
ومن كان يغزو بالتَّعِلاَّت فقرَه … فإني وجدتُ الكدَّ أقتلَ للفقر
ومن يستعنْ في أمرهِ غير نفسه … يَخُنْه الرفيقُ العون في المسلك الوعْر
ومن لم يقم ستراً على عيبِ غيره … يعِش مستباحَ العِرْضِ، مُنهَتِك السّتر
ومن لم يجمِّل بالتواضع فضله … يَبِنْ فضلُه عنه، ويَعْطَلْ من الفخر