أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ – أحمد شوقي

أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ أَبُثُّكَ وَجْدي يا حَمامُ، وأُودِعُ … فإنك دونَ الطيرِ للسرِّ موضعُ

وأَنت مُعينُ العاشقين على الهوى … تئِنُّ فنُصْغي، أَو تحنُّ فنَسْمَع

أَراك يَمانِيّاً، ومصرُ خميلتي … كلانا غريبٌ، نازحُ الدارِ، مُوجَع

هما اثنان: دانٍ في التغرُّب آمنٌ … وناءٍ على قربِ الديار مروع

ومن عجب الأشياء أبكي واشتكي … وأَنت تُغَنِّي في الغصونِ وتَسْجَع

لعلك تُخفي الوجدَ، أَو تكتمُ الجَوى … فقد تمسك العينان والقلبُ يدمع

شجاكَ صِغارٌ كالجُمانِ ومَوْطِنٌ … نَدٍ مثلُ أَيامِ الحَدَاثَة ِ مُمْرعُ

إذا كان في الآجال طولٌ وفسحة ٌ … فما البينُ إلا حادثٌ متوقع

وما الأَهلُ والأَحبابُ إلاَّ لآلِىء ٌ … تفرقها الأيامُ ، والسمطُ يجمع

أَمُنْكِرَتي، قلبي دليل وشاهدي … فلا تُنكريه، فهْو عندَكِ مُودَع

أَسيرُكِ، لو يُفْدَى فَدَتْه بجمعها … جوانحُ في شوقٍ إليه وأَضْلُع

رماه إليك الدهرُ من حاق الهوى … يذال على سفح الهوان ويوضع

ومن عجبٍ، يأْسَى إذا قلت: مُتْعَبٌ … ويطرَبُ إن قلت: الأَسيرُ المُمنَّع

لقيتِ عليماً بالغواني، وإنما … هو القلبُ ، كالإنسان يغرى ويخدع

واعلم أن الغدرَ في الناس شائعٌ … وأن خليلَ الغانيات مضيَّع

وأَنَّ نِزاعَ الرُّشدِ والغَيِّ حالة ٌ … تجيءُ بأحلامِ الرَّجال وترجع

وأَن أَمانيَّ النفوسِ قواتلٌ … وكثرتُها من كثرة الزَّهرِ أَصْرَع

وأن داعة َ الخير والحقِّ حربهم … زمانٌ بهم عهد سُقْراطَ مُولَع